وقد قيل في رثائه (١):
لقد عَظمت رَزِيتُنا فنبه ... لها عمرًا ونم جنحَ الليالي
فلا زالت ذوو الأقدار تلقى ... من الأيامِ أنواعَ النكالِ
وكم جنت المنونُ على رجال ... وجندلت الكماة بلا قتال
ودائي ليس يشفيه داء ... وجُرْحي لا يئول إلى أندمال
به الأيام قد كانت قصارا ... فويلي مِنْ لياليها الطوال
وكان زخيرتي فيها وكنزي ... وكان هدايتي عند الضلال
ودق الناس أبواب الفتاوى ... وقد وصلوا إلى باب الصيال
بكى العلمُ حتى النحو أضحى ... مع التصريفِ بعدكَ في جدال
بكت أوراقُه بيض المواصي ... دمًا ويراعه سمر العوالي
وعينُ دواته عمشت وآلت ... يمينًا لا تداوي باكتحال
تنكرت المعارفُ في عياني ... وتمييزي غدا في سوء حال
وما عوضت من بدل وعطف ... سوى توكيد سقمي واعتلالي
فيا قبرًا ثوى فيه تهنى ... فقد حُزْتَ الجميلَ مع الجمال
سقاهُ الله عينًا سلسبيلًا ... وأسبغ ما عليه من الظلال
وبوأه من الفردوسِ فضلًا ... ورقاه إلى الغرفِ العوالي
(١) "بدائع الزهور" ٢/ ١٢١٠ - ١٢١١.