للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بالحديث، وبقوله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} [الأنعام: ١٢١] وقال الشافعية: إنها سنة فلو تركها عمدًا، أو سهوًا حلَّ، وأجابوا عن ذلك: بحديث البخاري عن عائشة: قلت: يا رسول الله، إن قومًا حديثو عهد بجاهلية أتونا بلحم لا ندري أذكروا اسم الله عليه، أم لم يذكروا، أنأكل منه أم لا؟ فقال: "اذكروا اسم الله وكلوا" (١)، فلو كان واجبًا لما جاز الأكل مع الشك، وأما النهي في حديث ابن حاتم: فمحمول على كراهة التنزيه [كما حمل الأمر في حديث أبي ثعلبة: "ما صدت بكلبك المعلم فاذكر اسم الله] (٢) ثم كل" (٣) على الندب، وأما الآية: ففسر الفسق فيها بما أُهل لغير الله به، ووجه بأن قوله: {وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} [الأنعام: ١٢١]، ليس معطوفًا؛ لأن الجملة الأولى: فعلية إنشائية، والثانية: خبرية (٤)، ولا يجوز أن يكون جوابًا لمكان الواو فتعين كونها حالية، فيتقيد النهي بحال كون الذبح فسقًا، والفسق في الذبيحة يفسر في القرآن بما أُهِلَّ لغير الله به، فتكون الآيةُ دليلًا لنا لا علينا.


(١) سيأتي برقم (٧٣٩٨) كتاب: التوحيد، باب: السؤال بأسماء الله تعالى والاستعاذة بها.
(٢) من (م).
(٣) سيأتي برقم (٥٤٧٨) كتاب: الذبائح والصيد، باب: صيد القوس.
(٤) اختلف النحاة في عطف الخبرية على الإنشائية وبالعكس، على قولين: أحدهما: - أنه ممتنع، وهذا مذهب الزمخشري، وابن عصفور، وابن مالك، وهشام، والسيوطي، والبيانيين.
الثاني: أنه جائز. وهذا مذهب جماع، منهم الملقى، والصفار. واستدل هؤلاء على جوازه بقوله تعالى: {وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} وقوله: {وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا} فكل منهما إنشائية عُطفت على ما قبلها وهي خبرية.
ومرجع الخلاف بين القولين السابقين خلافهم في اشتراط التناسب بين الجملتين المتعاطفتين فمن اشترط التناسب منع هذا العطف، وهم أصحاب القول الأول، ومن لم يشترط التناسب فقد أجازه وهم أصحاب القول الثاني.

<<  <  ج: ص:  >  >>