لي أي: لأجلي. (المَلَكُ) أي جبريل. (رجلًا) بالنصب على التمييز من النسبة أو على المصدرية أي: مثل رجلٍ، كدِحية، أو على الحالية أي: هيئة رجل، ولا يرد على الأول أن تمييز النسبة لا بد أن يكون محولًا عن الفاعل أو عن المفعول، وذلك غير متأت هنا؛ لأن ذلك أَكْثَرِيٌّ لَا كُلَّيٌّ، بدليل امتلاء الإناءِ ماءً، والملك: واحد الملائكة، والملائك بحذف التاء ولا ينافيه قول الزمخشري (١): إن الملائك جمع ملأك على الأصل، كالشمائل جمع شمأل؛ لأن مراده بالأصل، الأصل الثاني: وهو تأخير الهمز عن اللام، والأول: بنى على الأول وهو تقديمه عليها، وأصل ملك: مألك حذفت همزته؛ لكثرة الاستعمال.
وتمثله رجلًا ليس معناه أن ذاته انقلبت رجلًا، بل معناه أنه ظهر بتلك الصورة تأنيسًا لمن يخاطبه بما يعهد من البشر والملائكة، كما قال المتكلمون: أجسام علوية لطيفة تتشكل بأيّ شكل شاءت.
(فَأَعِي) أتى بالفعل هنا مضارعًا، وفيما مرَّ ماضيًا؛ لأن الوعْيَ فيما مرَّ: حصل قبل الفصم ولا يُتصور بعده، وهنا حال المكالمة لا يتصور قبلها، أو أنه فيما مرَّ عند غلبة التلبس بالصفات الملكية، فلما
(١) هو محمود بن عمر بن محمد الخوارزمي، الزمخشري، أبو القاسم جار الله مفسر محدث، متكلم، نحوي، لغوي، بياني، من مشاهير المعتزلة، أديب ناظر ناثر مشارك في عدة علوم بزمخشر من قرى خوارزم في رجب، وقدم بغداد، وسمع الحديث وتفقه، ورحل إلى مكة فجاور بها وسمي جار الله، وتوفي بجرجانية خوارزم ليلة عرفة بعد رجوعه من مكة. من تصانيفه الكثيرة: "ربيع الأبرار"، و"نصوص الأخبار"، "المفرد والمؤلف" في النحو، "الفائق في غريب الحديث"، "المفصل في غريب الحديث". انظر: "سير أعلام النبلاء" ١٢/ ١٧٩، "النجوم الزاهرة" ٥/ ٢٧٤، "اللباب" ١/ ٥٠٧، "الكامل في التاريخ" ١١/ ٣٧.