للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الفجأة، والمراد: أنه جاء بغتة؛ لأنه لم يكن متوقعًا مجيء الوحي. (فجاءه الملك) أي: جبريل يوم الاثنين لسبع عشرة خلت من رمضان، وهو ابن أربعين سنة، والفاء هنا تفسيرية وتفصيلية لما في مدخولها من تفسير وبيان ما قبلها من الإجمال، كما في قوله تعالى: {فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [البقرة: ٥٤].

(اقرأ) الأمر به لمجرد التنبيه والتيقظ لما سيلقى إليه، أو للطلب على بابه فيستدل به على تكليف ما لا يطاق في الحال.

(ما أنا بقارئ) ما: نافية، أو استفهامية، وما قيل: إنها ليست استفهامية لدخول الباء في خبرها وهي لا تدخل على ما الاستفهامية. رُدَّ بأنها تدخل عليها عند الأخفش (١)، وبورود الخبر بصيغة: كيف أقرأ؟ وبصيغة ماذا أقرأ؟ (فغطني) بمعجمه ثم مهملة أي: ضمني وعصرني، ويروى: "فغتني" بالتاء بدل الطاء أي: حبس نفسي.

(الجهد) هو بالنصب والرفع مع فتح الجيم وضمها: المشقة، فهو على الأول: مفعول أي: بلغ الغطُّ منَّى الجهْدَ، وعلى الثاني: فاعل أي: بلغ منِّي الجهدُ مبلغَه. (أرسلني) أي: أطلقني. (فغطني الثالثة) الحكمة في غطه: أن يفرغ قلبه عن النظر إلى أمر الدنيا، ويقبل بكليته إلى ما يلقى إليه، وفي تكريره ذلك زيادة في ذلك، ففيه: أن المعلِّم ينبغي أن يحتاط للمتعلم في تنبيهه وإحضار مجامع قلبه وأن لا يضرب متعلِّمًا أكثر من ثلاث ضربات.

(فقال اقرأ باسم ربك) أي مفتتحًا به، ولا دلالة في ترك البسملة


(١) وهو مذهب ردَّه كثيرٌ من النحاة، والراجح هنا كونها -أي: ما- نافية عاملة؛ لأنها بمعنى ليست.

<<  <  ج: ص:  >  >>