للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

(كلَّا) (١) نفي ورَدْعٌ عن هذه الخشية أي: لا تقل ذلك، أو لا خوف عليك. (ما يخزيك) بضم الياء، وبالمعجمة، وبزايٍ مكسورة، وبياء من الخزي وهو الفضيحة، والهوان، وفي نسخة: "يحزنك" بفتح الياء،


(١) (كلَّا) حرف ردع وزجر. هذا مذهب الخليل، وسيبويه، وعامة البصريين. وذهب الكسائي، وتلميذه نُصير بن يوسف، ومحمد بن أحمد بن واصل، إلى أنها تكون بمعنى "حقًّا". ومذهب النضر بن شميل أنها بمعنى "نَعَمْ". وركب ابن مالك هذه المذاهب الثلاثة، فجعلها مذهبًا واحدًا.
قال في "التسهيل": (كلَّا) حرف ردع وزجر، وقد تُؤؤل بـ "حقًّا"، وتساوي "إِيْ" معنى واستعمالًا.
وذهب أبو حاتم إلى أنها تكون ردًّا للكلام الأول، وتكون للاستفتاح بمعنى: "ألا"، ووافقه الزجّاج. وذهب عبد الله بن محمد الباهلي إلى أنها تكون على وجهين: أحدهما أن تكون ردًّا لكلام قبلها، فيجوز الوقف عليها، وما بعدها استئناف. والآخر: أن تكون صلة للكلام، فتكون بمعنى: "إِيْ". وقيل: إِن "كلّا" بمعنى: "سوف".
وعدة ما جاء في القرآن من لفظ: "كلّا" ثلاثة وثلاثون موضعًا، تتضمنها خمس عشرة سورة. وليس في النصف الأول منها شيء. قيل: وحكمة ذَلِكَ: أن النصف الأخير نزل أكثره بمكة، وأكثرها جبَابرة. فتكرّرت هذه الكلمة على وجه التهديد، والتعنيف لهم، والإِنكار عليهم، بخلاف النصف الأول، وما نزل منه في اليهود، لم يحتج إلى إيرادها فيه، لذلّهم وصغارهم.
واختلف في "كلّا": هل هي بسيطة، أو مركَّبة؟ ومذهب الجمهور: أنها بسيطة. وذهب ثعلب إلى أنها مركّبة من كاف التشبيه و"لا" التي للردّ، وزيد بعد الكاف لام، فشدّدت، لتخرج عن معناها التشبيهي. وقال صاحب "رصف المباني": هي بسيطة عند النحويين، إِلا ابن العريف جعلها مركّبة من "كَلْ" و"لا". وهذا كلام خَلْفٌ، لأن "كَلْ" لم يأت لها معنى في الحروف، فلا سبيل إلى ادعاء التركيب من أجل "لا" والله سبحانه أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>