كتاب منحة الباري بشرح صحيح البخاري

٩ - كتاب المواقيت - ٦ - باب: الصلوات الخمس كفارة - ج: 2 - ص: 248

(أرأيتم) بهمزة الاستفهام التقريري، أي: أخبروني، وفي نسخة: "أرأيتكم". "كم" حرف لا محل له من الإعراب، وسبق مع زيادة في باب: السمر في العلم (١). (لو أنَّ) أي: لو ثبت أن (٢)؛ لأن (لو) لا تدخل إلا على فعل. وجوابها محذوف: لما بقي الدرن. (نهرًا) بفتح الهاء، وسكونها: وهو ما بين حافتي الوادي، سمي بذلك لسعته؛ ولذلك سمي اليوم بالنهار لسعة ضوئه. (خمسًا) أي: خمس مرات. (ما) استفهامية في موضع نصب بـ (يُبقي) الآتي، وقدم عليه؛ لأن الاستفهام له صدر الكلام. (تقول) أي: أيها السامع، فالمخاطب عام، فيناسب خطاب الجماعة بقوله: "أرأيتم" وجرى القول مجرى الظن، فيتعدى إلى مفعولين: الأول: ذلك، والثاني: (يُبقي) بضم أوله وكسر ثانيه، أي: يبقي شيئًا. (من درنه) بفتح الراء: وسخه. (قال) أي: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (فذلك مثل الصلاة) جواب شرط محذوف (٣)، أي: إذا علمتم ذلك، وفائدة التمثيل: التأكيد، وجعل المعقول كالمحسوس، حيث شبه حال المقترف لبعض الذنوب المحافظ على أداء الصلوات الخمس بحال المغتسل في نهرٍ على باب داره كل يوم خمس مرات، بجامع أن كلًّا منهما يزول بفعله الأقذار وهي الذنوب في الأول، والأوساخ في الثاني. (بها) أي: بالصلوات، وفي نسخة: "به" أي: بأدائها. (الخطايا) أي: الصغائر.

---

(١) سبق برقم (١١٦) كتاب: العلم، باب: السمر في العلم.
(٢) تدخل (لو) على (أن) كقوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ} وهو كثير، وقد اختلف النحاة في موضع (أن) بعد (لو): فذهب سيبويه إلى أنها في موضع رفع بالابتداء، وذهب الكوفيون والمبرد والزجاجي وغبرهم إلى أنها فاعل بفعل مقدر تقديره: ولو ثبت، وقد اختار المصنف هنا مذهب الكوفيين ومن تبعهم.
(٣) والفاء في: (فذلك)، الفاء الفصيحة.