للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وضم العين مصدرًا أي: إنَّ علينا أن نجمعه لك، وفي نسخة: "جَمَعَهُ لك صدرك" - صلى الله عليه وسلم - بحذف (في) فصدرك فاعل و (جَمَعَهُ) وفي أخرى: "جَمَعَهُ" بفتح الميم والعين فعل، وإسناد الجمع للصدر في هاتين الروايتين مجاز بملابسة الظرفية؛ إذ الصدر ظرف الجمع فيكون مثل أنبت الربيعُ البقل.

(وَتَقرَأَهُ) عطف على جمعه، أي: أن نجمعه لك، أو أن يجمعه لك صدرك، وأن تقرأ، والمعنى: أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يحرك شفتيه بما يسمعه من جبريل قبل إتمامه؛ استعجالًا لحفظه واعتناءً بتلقيه، فقيل له: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ} أي: بالقرآن {لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (١٦) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ} في صدرك، وفي معناه قوله: {وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ} ({فَإِذَا قَرَأْنَاهُ}) أي: فإذا فرغ جبريل من قرآته {فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} قال أي: ابن عباس: معناه (فاستمع له) وسقط من نسخةٍ قال. (وأَنْصِتْ) بهمزة قطعٍ مفتوحة من أَنْصَتَ وقد تكسر من نَصَتَ وتحذف في الدرج، ومفاده مفاد استمع فعطفه عليه عطف تفسير.

والاستماع افتعال يقتضي تعرفًا؛ لأنه إصغاء بقصد السماع، فهو أبلغ من السماع نحو: كسب واكتسب، ولهذا قال تعالى: {لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} بلفظ: الاكتساب في الشر، إذ لا بد فيه من السعي، بخلاف الخير {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ (١٩)}) معناه عند ابن عباس: (ثمَّ إنَّ علينا أنْ تقرأَهُ)، وعنَد غيرِه: بيانُ ما أشكلَ عليكَ منْ معاِنيْه. وفي تَصْدِيرِ ذلكَ بثمَّ المفيدة للتراخي (١) دليلٌ على جوازِ تأخير البيان عنْ وقت الخطابِ وهوَ الراجحُ. (قرأَهُ النبيُّ) أيْ: قَرَأَ القُرْآنَ،


(١) هذا على رأي جمهور النحاة في أن (ثُمَّ) تفيد الترتيب والتراخي، وذهب بعضهم إلى أن (ثُمَّ) لا تقتضي الترتيب والتراخي، بل إنها قد تكون بمعنى الواو.

<<  <  ج: ص:  >  >>