(المسلم) أي: الكاملُ، وفيه: تغليبٌ (١) لتدخل المسلمة. (من سلم المسلمون من لسانه ويده) أي: من أذاهما، وخُصَّا بالذكر مع أن غيرهما يصدر من الأذى؛ لأن الغالبَ وقوعه منهما، أو أطلق على الكلِّ عملَ اليد واللسان، فيقال في كلِّ عمل: هذا مما عملته اليدُ، واعلم أنَّ ما وقع بحق، كإقامة الحدود والتعازير ليس بإيذاءٍ في الحقيقة، بل استصلاح وطلب سلامة ولو في المآل. (والمهاجر) من الهجرة، وهو الترك.
(من هَجَرَ) أي: ترك ما نهى الله عنه من المحرمات والمكروهات، قيل: إنه لما انقطعت الهجرة حزن على فواتها من لم يدركها، فأعلمهم النبيٌّ - صلى الله عليه وسلم -: أن المهاجرَ في الحقيقة منْ هَجَرَ ما نهى الله ورسولهُ عنهُ، وقيل: بل أعلم المهاجرين لئلَّا يتكلوا على الهجرة.
(قال أبو عبد الله) أي: البخاريُّ، وهذا ساقط من نسخة. (وقال أبو معاوية ... إلخ) ذكر فيه تعليقين:
رجال الأول: أبو معاوية الضرير محمد بن خازم بمعجمتين الكوفيُّ، وداود بن أبي هند دينار، وعامر الشعبي، المتقدم آنفًا.
وعبد الله بن عمرو بن العاص، ورجال الثاني: عبد الأعْلى بن عبد الأعلى الساميُّ بسين مهملة، من بني سامة، وداود، وعامر، وعبد الله، المذكورون آنفًا.
وأورد البخاريُّ التعليقين للاستشهادِ والمتابعةِ، لا لأصلِ الاستدلالِ لحصولهِ بالروايةِ المتصلةِ، وأراد باولهما: التصريح بسماع الشعبي من عبد الله بن عمرو، وبثانيهما: التنبيه على أن عبد الله الذي أُبْهِمَ فيه هو عبد الله بن عمرو، والذي بُيِّن في الرواية
(١) واللغة كثيرًا ما تغلب المذكر على المؤنث إذا اشتركا، كما يقال للشمس والقمر: القمران.