للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

دنيا ... إلخ)، وإنما قال: إلى الله ورسوله، ولم يقل: إليهما. وإن كان الأصل الربطَ بالضمير لكونه أخصر، إما لأن الظاهر استلذاذًا بذكره صريحًا ولذلك لم يأت مثله في الجملة بعده إعراضًا عن تكرار لفظ الدنيا، وإما لئلا يجمع بين اسم الله ورسوله في ضمير، بل يفردان، كما في حديث: "بئس الخطيب أنت، قل: ومن يعص الله ورسوله" (١) واعلم أن الجملة الأولى من هذا الحديث تضمنت المدح وهو ظاهرٌ والثانية منه الذم؛ لأن مضمونها خرج في صورة الطالب لفضل الهجرة وباطنه خلاف ظاهره، وأن نية المؤمن خير من عمله، لخبر ورد فيه بذلك؛ ولأن نية الحسنة يثاب عليها بخلاف عملها بلا نية، ولأن النية لكونها بالقلب لا يدخلها رياء، بخلاف الأعمال الظاهرة؛ ولأن القلب أشرف من غيره فكذا فعله؛ وأن هذا الحديث أحد الأحاديث التي عليها مدار الإسلام.

قال أبو داود: يكفي الإنسان لدينه أربعة أحاديث (٢): الأعمال بالنيات، ومن حسن إسلام المرء تركه ما لا يعينه (٣)، ولا يكون المؤمن


(١) رواه مسلم (٨٧٠) كتاب: الجمعة، باب: تخفيف الصلاة والخطبة. وأبو داود (١٠٩٩) كتاب: الصلاة، باب: الرجل يخطب على قوس.
(٢) انظر: "تاريخ بغداد" ٩/ ٥٧، و"تهذيب الكمال" ١١/ ٣٦٤.
(٣) رواه الترمذي (٢٣١٧) كتاب: الزهد، باب: فيمن تكلم بكلمة يضحك بها الناس وقال: هذا حديث غريب لا نعرفه من حديث أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا من هذا الوجه.
وابن ماجه (٣٩٧٦) كتاب: الفتن، باب: كفِّ اللسان في الفتنة. وابن حبان (٢٢٩) كتاب: الإيمان، باب: صفات المؤمنين. وصححه الألباني في "صحيح الترمذي".

<<  <  ج: ص:  >  >>