للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فنقل أبو الحارث عنه في الرجل يدعى ليغسل الميت وعنده النوح فقال: يدخل فيغسله وينهاهم، وكذلك نقل الفضل بن زياد وقد سئل عن الرجل يتبع الجنازة فيرى ما ينكر يتبعها ولا يترك حقًّا لباطل لأن اتباعها حق وطاعة والمنكر الذي معها منكر وباطل فلا يجوز ترك الحق للباطل فهو كما لو كان في طريقه إلى الجمعة والجماعة منكر فإن ذلك لا يمنعه من قصدها.

ونقل المروذي عنه: إذا جاء يغسل الميت فيسمع صوت طبل فلا يدخل إلا أن يكسره صغيرًا كان أو كبيرًا. وظاهر هذا أنه يترك الغسل لأجل المنكر إذا لم يقدر على إزالته لقوله تعالى: ﴿وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ﴾ (١)).

وظاهر الآية يقتضي المباعدة عنهم، ولما روى نافع قال: سمع ابن عمر مزمارًا فوضع إصبعيه في أذنيه ونأى عن الطريق، وقال: يا نافع، هل تسمع شيئًا؟ فقلت: لا، قال فرفع أصبعيه من أذنيه وقال: كنت مع النبي فسمع مثل هذا، فصنع مثل هذا (٢).

وأيضًا ما روى ابن عمر أن رسول الله نهى أن تتبع جنازة فيها رنة (٣).

ولأنه إذا لم يبعد عنهم ربما ساكنته نفسه واعتاد سماعه.


(١) سورة النساء الآية رقم ١٤٠.
(٢) أخرجه البيهقي - كتاب الشهادات - باب ذم الملاهي من المعارف والمزامير ونحوها ١٠/ ٢٢٢ بلفظه.
(٣) أخرجه أحمد - الفتح الرباني - الجنائز - باب النهي عن اتباع الجنازة بنار، أو صياح، أو نار، ٨/ ٢٠/ ٢١٣ بلفظه.
وابن ماجه - كتاب الجنائز - باب النهي عن النياحة ١/ ٥٠٤ حديث ١٥٨٣ عن ابن عمر بلفظ (نهى رسول الله أن نتبع جنازة معها رانة.
والهيثمي - الجنائز - باب لا يتبع الميت صوت ولا رنة ٣/ ٢٩ عن جابر عن النبي أنه نهى أن يتبع الميت صوت أو نار) وعبد الرزاق - الجنائز - باب منع النساء اتباع الجنائز ٣/ ٤٥٦ رقم ٦٣٠٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>