للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى هذا بطل في نفسه كما قلنا: لا يجوز أن يتزوج المرأة عبدها لأنه يفضي إلى تناقض الأحكام كذلك ها هنا.

[المبيع بشرط البراءة من العيب]

٣٢ - مسألة: واختلفت في البيع بشرط البراءة (من العيب).

فنقل حنبل: أنه لا يبرأ حتى يوقفه عليه فإذا لم يره لم يبرأ لأنه مجهول، فظاهر هذه الرواية (أنه) لا يبرأ سواء علم البائع بالعيب أو لم يعلم (وهو اختيار الخرقي) (١).

ونقل الحسن بن ثواب، وأبو الحارث في الرجل السلعة ويبرأ من كل يبيع عيب لم يبرأ حتى يبينه إلا أن لا يكون عالمًا به فيبرأ حينئذ به من العيب، فظاهر هذا أنه إن كان عالمًا بالعيب لم يبرأ منه، وإن لم يكن عالمًا به برئ منه، وجه هذه الرواية إجماع الصحابة روي أن عبد الله بن عمر باع عبدًا من زيد بن ثابت بشرط البراءة بثمانمائة درهم فأصاب زيد به عيبًا فأراد رده على ابن عمر فلم يقبله فارتفعا إلى عثمان فقال عثمان لابن عمر: اتحلف أنك لم تعلم بهذا العيب؟ فقال: لا. فرده عليه (٢)، فظاهر هذا القول من عثمان أنه إن لم يكن عالمًا بالعيب برئ منه، وإنما لم يبرئه لأنه كان عالمًا به حين أبرأه (٣)، ولم يخالفه على هذا القول زيد وابن عمر، ولأنه إذا كان عالمًا بذلك فشرط البراءة فقد قصد التدليس وليس كذلك إذا لم يكن عالمًا، ألا ترى أنا قلنا: لا يجوز بيع طعام صبرة إذا كان البائع يعلم مبلغه لأنه يقصد التدليس، ويجوز إذا لم يعلم لأنه لا (٤) يقصد ذلك، ووجه الرواية الأولى: وهي أصح - أنه أصاب عيبًا لم يقف على محله فملك الرد كما لو لم يشترط ولأنه إبراء عما لم يجب فلم يصح كإبراء الشفيع قبل البيع، وكما لو أبرأه قبل العقد


(١) سقطت جملة: "وهو اختيار الخرقي" من (أ).
(٢) موطأ مالك كتاب البيوع - باب العيب في الرقيق ٢/ ٦١٣ حديث ٤.
(٣) في (أ): "حين البراءة".
(٤) في (ب): "لم يقصد".

<<  <  ج: ص:  >  >>