ووجه ما قاله أبو بكر أن القطع حق الله تعالى فلا يفتقر في إقامته إلى مطالبة آدمي كالزنا وشرب الخمر وعكسه حد القذف لما كان حقًّا لآدمي افتقر إلى مطالبة ولأن أحمد قد قال في العبد إذا أقر على نفسه بالسرقة بمال في يده لزيد فأنكر السيد ذلك فادعى أن المال الذي في يده ملك له أنه يقطع ويكون المال للسيد فلو كان إقامة الحد يفتقر إلى مطالبة بالعين المسروقة وجب أن لا يقام عليه الحد هاهنا لأنه لا مطالب بالسرقة.
[القتل والصلب بالقتل وأخذ المال]
٣٨ - مسألة: إذا قتل وأخذ المال هل يقطع يده مع القتل أم يقتل ويصلب؟
نقل عبد الله: يقتل ويصلب ولا تقطع يده.
ونقل حرب: تقطع ويقتل.
وجه الأولى: - وهي الصحيحة - قوله تعالى أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف (١).
قال ابن عباس: أن يصلبوا أن قتلوا وأخذوا المال فقد فسر الآية بذلك فمن زاد على هذا فقد ترك الآية.
ولأن الله تعالى أوجب الصلب ولا يخلو إما أن يجب الصلب بالقتل أو بأخذ المال أو بهما فبطل أن يكون وجوبه بالقتل لأنه خلاف الإجماع وبطل أيضًا أن يكون وجوبه بأخذ المال لأنه خلاف الإجماع أيضًا، ثبت أن يكون الصلب بالقتل وأخذ المال معًا وإذا ثبت وجوبه لم يجز تركه إلى القطع.
ووجه الثانية: أنه لو انفرد بأخذ المال قطع ولو انفرد بالقتل قتل فإذا جمع بينهما وجب أن يستوفى منه كما لو زنا وسرق فإنه يستوفى منه الحدان معًا كذلك هاهنا.