للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحال فالرجوع لا يمكن في ذلك، ولا يشبه هذا إذا عفا عن الجراحة لأن ذلك إسقاط وليس بتمليك.

وعندي أن لا فرق بين العفو عن أرش الجراحة وبين الوصية بمال، وأنه إن صح في أحدهما صح في الآخر وإن بطل في أحدهما بطل في الآخر لأن ذلك الإسقاط في معنى التمليك ولهذا المعنى اعتبر أحمد أن يعفو على الجراحة في قدر الثلث كما يوصى له بقدر الثلث.

[العطية في المرض الذي لا يرجى برؤه]

٦ - مسألة: في العطايا في الأمراض الممتدة التي لا يرجى برؤها كالسل والفالج والجذام هل يكون من الثلث أم من صلب المال؟

فقال أبو بكر في كتاب الشافي: اختلف قول أبي عبد الله على وجهين: أحدهما أن كل من أطلق عليه المرض الذي يمنع معه الحركة والخروج والدخول فوصيته من الثلث.

والثاني: لا يكون من الثلث، وقد قال أحمد في رواية حرب: وصية المفلوج والمجذوم من الثلث (١). وعندي أن صاحب هذه الأمراض إن كان صاحب فراش يمنعه من الدخول والخروج فهو من الثلث وإن طال مرضه وعلى هذا يحمل كلام أحمد، وإن كان يدخل ويخرج وبه هذه الأمراض فهو من جميع المال. فوجه من (٢) قال: إن عطاياه من الثلث بأنه مرض الغالب منه الهلاك: فكانت العطايا فيه من الثلث كالأمراض التي لا تمتد ويخاف معها الهلاك، والوجه في أنها من صلب المال، أنه لا يخاف الموت في يومين وثلاثة في العادة (٣) لأنها قد تمتد سنين، ويخاف (٤) عليه فهو كالصحيح الذي لا خوف عليه في العادة من الموت في الحال.


(١) في (ب): "حق الثلث".
(٢) في (ب): "وجه من قال".
(٣) سقطت كلمة: "العادة" من (ب).
(٤) في (ب): "وقد يخاف".

<<  <  ج: ص:  >  >>