للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فنقل حنبل عنه في الذي يأخذ من كم الإنسان وجيبه ويطر: لا يقطع، هو بمنزلة المختلس. فظاهر هذا أنه لا قطع في ذلك.

ونقل ابن منصور عنه في الطرار: إذا كان يطر سرًا يقطع وإن اختلس لم يقطع. فظاهر هذا أنه أوجب القطع في ذلك لأن الطرار هو الذي يأخذ من الجيب والكم.

ووجه الأولى: أن العادة جرت أن من أراد أن يحرز ما في كمه قبض على كمه بيده وزر جيبه ولم يرسله فإذا خالف العادة في ذلك لم يكن حرزًا فعلى هذا يكون الجيب والكم حرزًا إذا قبض على كمه وزر جيبه وإن أرسله لم يكن حرزًا.

ووجه الثانية: أن جيب الإنسان حرز لما يوضع فيه في العادة، ألا ترى أن من فعل هذا لا يقال: ضيع ماله ولا فرط فيه بل يقال: حفظ واحتاط فيه وكذلك إذا جعل في كمه فيجب أن يكون حرزًا.

[توقف القطع في السرقة على مدع للمسروق]

٣٧ - مسألة: إذا ثبت القطع في السرقة بالبينة أو بالإقرار هل يفتقر في إقامته إلى مدع يدعي العين المسروقة؟

قال الخرقي: لا يقطع حتى يدعيها مدع.

قال أبو بكر في كتاب الخلاف يقطع ولا يحتاج فيه إلى مطالبة.

وجه ما قاله الخرقي وهو أصح أن النبي لم يقطع عمر بن سمرة حين أقر أنه سرق جملًا لآل أبي فلان حتى بعث إليهم فقالوا: فقدنا جملًا لنا وطالبوا بذلك فقطعه (١). ولو جاز قطعه قبل المطالبة لم يبعث إليهم ولأنه يحتمل أن يكون المالك أباح هذه العين لمن أخفرها أو وقفها عليه وهو لا يعلم أو كانت ملكًا للسارق عند الغائب ولا يعلم به البينة فاسقطنا القطع عنه للاحتمال والشبهة.


(١) سنن ابن ماجه كتاب الحدود باب السارق يعترف ٢/ ٨٦٣ حديث ٢٥٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>