منه خلًا أو دبسًا فإنه يحنث بأكله وإن لم يكن على الصفة المحلوف عليها؟ فكان المعنى في ذلك أنه يتناول العين المحلوف عليها فهو كما لو تناولها على صفتها ويبين صحة هذا أنه لو حلف لا أكلت هذا الحمل فصار كبشا أو لا كلمت هذا الصبي فصار شيخا ثم كلمه أو أكل ذلك الكبش فإنه يحنث كذلك ها هنا.
ويفارق هذا إذا كانت اليمين لا على شيء بعينه أنه لا يحنث بمخالفة الصفة ألا ترى أنه لو حلف لأكلمت صبيًا فكلم شيخًا، أو لا أكلت لحم حمل فأكل لحم كبش فإنه لا يحنث لعدم التعيين، كذلك ها هنا.
[السلام على جماعة فيهم المحلوف على ترك تكليمه]
١٤ - مسألة: إذا حلف لا كلمت فلانًا فسلم على جماعة وفلان فيهم ولم يقصده بالكلام ولا عزله بنيته عن غيره بل أطلق السلام من غير نية فهل يحنث أم لا؟
على روايتين:
نقل أبو طالب وابن منصور فيمن حلف لا يكلم رجلا فمر به في جماعة فسلم عليهم فنواه بالسلام حنث وإن لم ينوه لم يحنث، فظاهر هذا أنه لم يحنث إذ لم يقصده بالنية ولا استثناه بالنية.
ونقل مهنا في رجل حلف أن لا يكلم فلانًا فدخل المسجد وفيه جماعة فقال سلام عليكم فأخرج رأسه في باب المسجد كان قد استتر به فقال وعليكم السلام حنث الحالف، فظاهر هذا أنه حنثه وإن لم يقصده بالنية لأن الظاهر أنه إذا لم يشاهده مع الجماعة فلم يقصده بالسلام.
وجه الأولى: أنه يحتمل دخوله في القوم ويحتمل غيره فلا يحنث بالشك.
ووجه الثانية: أنه يحتمل إذا أطلق السلام على الجماعة فقد سلم عليهم وعلى كل واحد منهم فحنث ولا يختلف المذهب أنه إذا قصده حنث لأنه قد كلم كل واحد منهم وهو أحدهم ولا يختلف أيضًا أنه إذا عزله بالنية ونوى غيره لم يحنث لأن النية معنى والقياس معنى فكما صح تخصيص العموم بالقياس صح تخصيصه بالنية.