للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[بيع المدبر]

٨ - مسألة: هل يجوز بيع المدبر على الإطلاق أم يجوز عند الحاجة إليه وهو إذا كان دين؟

فنقل الميموني قال: قلت له: من باعه من غير حاجة إليه على التأويل، فما رأيت أبا عبد الله ينكر ذلك ولا يدفعه. فظاهر هذا جواز بيعه على الإطلاق.

وكذلك نقل أبو طالب: التدبير أصله الوصيد، والوصية من الثلث، فله أن يغير الوصية ما كان حيًا فظاهر هذا جواز التصرف على الإطلاق.

ونقل عبد الله وحنبل: أرى بيع المدبر في الدين إذا كان فقيرًا لا يملك شيئًا، لأن النبي باع المدير حين علم أن صاحبه لا يملك شيئًا غيره (١). فظاهر هذا أنه لا يجوز بيعه مع عدم الحاجة.

وجه الأولى: وهي أصح، أنها عطية تتنجز بالموت معتبرة من الثلث، فكان له الرجوع مع الحاجة وغيرها كالوصية، ولأنه عتق بصفة صدر عن قول فلم يمنع البيع مع الحاجة وغيرها، كما لو قال: إن دخلت الدار فأنت حر.

ووجه الثانية: وهي ظاهر كلام الخرقي، أن القياس يمنع جواز بيع المدبر لأنه استحق العتاق بموت المولى فمنع من بيعه كأم الولد، ولكن تركنا القياس فيه عند الحاجة لما روى جابر بن عبد الله أن رجلًا من الأنصار يقال له: أبو مذكور، أعتق غلامًا له يقال له يعقوب عن دبر ولم يكن له مال غيره، فدعا به رسول الله فقال: من يشتريه؟ فاشتراه نعيم بن عبد الله النحام بثمانمائة درهم فدفعها إليه، وقال: إذا كان أحدكم فقيرًا فليبدأ بنفسه، فإن كان فيها فضل فعلى عياله، فإن كان فيها فضل فعلى ذي قرابته أو قال ذي رحمه، فإن الله كان فضلًا فههنا وههنا (٢) فأجاز النبي بيعه في المدبر، فتركنا القياس


(١) صحيح البخاري - كتاب العتق باب بيع المدبر ٢/ ٨١
وسنن ابن ماجه - كتاب العتق - باب بيع المدبر ٢/ ٨٤٠ حديث ٢٥١٢ وسنن الدارقطني - كتاب المكاتب ٤/ ١٣٧، ١٣٨
و"السنن الكبرى" للبيهقي كتاب المدبر باب المدبر يجوز بيعه متى شاء مالكه ١٠/ ٣٠٨.
(٢) صحيح البخاري - كتاب باب بيع المدبر ٢/ ٨١. =

<<  <  ج: ص:  >  >>