للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ووجه الثانية: أنه يوم من جنس الأيام فلا ينافي صحة النذر كسائر الأيام، ولا يلزم عليه الليل، لقولنا جنس الأيام، ولا الحيض لأن فيه نظرًا.

[من نذر أن يحج ولم يكن حج الفرض]

٢٣ - مسألة: فإن نذر أن يحج في هذا العام وعليه حجة الفرض في ذمته، ووجدت فيه شرائط الوجوب، فهل ينعقد نذره أم لا؟

نقل ابن منصور فيمن نذر أن يحج ولم يحج حجة الفرض: يبدأ بفرض الله ثم يقضي ما أوجب على نفسه، فظاهر هذا أنه انعقد نذره وألزمه الحجة المنذورة بعد المفروضة.

ونقل أبو طالب: إذا نذر أن يحج ولم يكن حج حجة الإسلام فيحج ويجزيه عنها، فظاهر هذا أنه لم ينعقد نذره لأنه لم يلزمه القضاء.

وجه الأولى: أن العبادتين إذا اجتمعنا بسببين مختلفين لم تسقط إحداهما بالأخرى كما لو نذر أن يصلي وعليه صلاة مفروضة، ولأنه لو نذر أن يحج حجتين فإن ذلك لا يوجب إسقاط إحداهما للأخرى، كذلك ها هنا.

ووجه الثانية: أنه إذا قال الله علي أن أحج وعليه حجة الفرض، فإنه يحتمل أن يكون قصد الإخبار بأن عليه حجة مفروضة، فيجب أن يحمل على ذلك كما لو مات وعليه حجة الفرض ووصى أن يخرج من ماله حجة فإنه تحمل وصيته على الحجة المفروضة.

وهذا التعليل إنما يختص إذا قال الله عليّ أن أحج، ولم يصرح بذكر النذر فأما إن قال: لله على نذر لم يجيء هذا التعليل ولكن يكون وجهه أن هذا زمان مستحق متعين لحجة الفرض فوجب أن يمنع من صحة النذر بحجة أخرى كما لو نذر صوم رمضان فإنه لا يصح لاستحقاقه، ولأن الحجة المفروضة قد تمنع من حجة أخرى وجبت بسبب آخر.

ألا ترى أن الصبي والعبد إذا أحرما بالحج وأفسدا قبل الوقوف ثم أعتق العبد وبلغ الصبي فإنهما يمضيان في حجها الفاسد وعليهما الحج المفروض ولا قضاء عليها للحجة التي أفسداها، ولو لم يبلغ الصبي ولم يعتق العبد كان عليها

<<  <  ج: ص:  >  >>