للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجه من قال لا يحنث قال: لأن الأصول موضوعة على أن الحنث يتعلق بما يتعلق به البر وقد ثبت أنه لو حلف ليدخل هذه الدار وليأكلن هذا الرغيف وليشربن هذا الماء فأدخل بعضه أو أكل أو شرب بعضه لم يبر.

كذلك في الحنث يجب أن لا يحنث إلا بوجود جميع ذلك ولأنه منع نفسه من شيء بيمينه فيجب أن لا يحنث ما لم يفعله، وإذا فعل بعضه فما فعله.

ووجه من قال يحنث أن اليمين إذا كانت على النفي فهي على حظر ومنع وإذا كانت على إثبات فهي إباحة والإباحة تفتقر إلى شرطين كما لو طلقها ثلاثا لم تحل له إلا بعد زوج والدخول بها، والحظر يتعلق بفعل واحد وهو تحريم أمهات النساء يتعلق بعقد النكاح، كذلك ها هنا وجب أن تتعلق الإباحة بأمرين والحظر بأحدهما ولأن اليمين إذا كانت على النفي فهي على الحظر والمنع، والحظر والمنع يتناول العين وكل جزء من أجزائها فإذا قال: لا دخلت هذه الدار فقد منع نفسه وكل جزء منه من الدخول، وكذلك إذا قال: لا أكلت هذا الرغيف فقد منع نفسه منه ومن كل جزء منه، فإذا تناول البعض فقد تناول ما توجهت اليمين إليه فيجب أن يحنث والذي يبين صحة هذا قوله تعالى: "إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام (١)، وقوله "لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم … (٢) ". وقوله "لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم … (٣) " وقوله: "ولا جنبا إلا عابري سبيل … (٤) ".

هذه الألفاظ كلها اقتضت المنع للجملة والبعض كذلك ها هنا.

[اقتضاء اليمين استمرار الترك للمحلوف على تركه]

١١ - مسألة: إذا حلف بالطلاق ليخرجن من بغداد فخرج ثم عاد فهل تسقط يمينه أم لا؟

فنقل إسماعيل بن سعيد لا شيء عليه، فظاهر هذا أنها قد سقطت بالخروج


(١) سورة التوبة (٢٨)
(٢) سورة الأحزاب (٥٣)
(٣) سورة النور (٢٧)
(٤) سورة النساء (٤٤)

<<  <  ج: ص:  >  >>