وقد أومأ أحمد إلى هذا أيضًا في رواية أحمد بن سعيد فيمن نذر أن يصوم شهرًا فوافق يوم عيد منه، قال: يفطر ويكفر كفارة يمين، فقيل له: فنذر أن يصوم أيامًا مسماة فوافق يوم عيد، فقال: يكفر ويعيد صيامه. فقد حكم بصحة النذر، وأوجب عليه القضاء لموافقة يوم العيد، ومعنى قوله: نذر أن يصوم شهرًا فوافق يوم عيد وأن ينذر أن يصوم شهرًا عند قدوم زيد أو عند قدوم ماله أو عند شفاء مريضه فوافق ذلك الشهر يومًا من أيام العيد، وكذلك قوله إذا نذر صيام أيام مسماة، فوافق يوم عيد. معنى قوله: مسماة، يعني مسماة العدد، وكان قد علق نذره بشرط فوجد في أيام فيها يوم عيد فإنه ينعقد ويكون عليه القضاء.
والوجه فيه ما ذكرنا أن يوم العيد يتكرر على مر السنين، فلا يكاد يتفق يوم العيد يوم قدومه، فإذا كان مما يمكنه الوفاء به غالبًا انعقد نذره.
[وجود شرط صوم النذر أثناء النهار]
فإن قدم فلان في يوم قد أكل فيه فهل يلزمه القضاء أم لا؟
على روايتين:
إحداهما: لا يلزمه، نص عليه في روايه محمد بن يحيى المتطبب فيمن نذر إن قدم فلان أن يصوم ذلك اليوم لقدم فلان وقد أكل: ليس عليه شيء، لأنه اليوم معدوم.
الثانية: عليه القضاء، نص عليها فيه إذا قدم في يوم فطر أو أضحى أنه يقضي.
وجه الأولى: أن الناذر عند وجود الشرط يصير كالمتكلم بالجواب عند وجود الشرط، ألا ترى أنه لو قال: إن ملكت هذا الثوب فلله علي أن أتصدق به فملكه صار عند وجود الملك كأنه قال: الله على أن أصوم هذا اليوم وقد كان أكل فيه فلا يلزمه.
ووجه الثانية: أنه لو علق الإيجاب بوقت بعينه، فقال: لله علي أن أصوم يوم الخميس فأفطر في ذلك اليوم لزمه ذلك اليوم لزمه القضاء، كذلك إذا علقه بشرط، لأن كل واحد منهما متعلق بزمان مستقبل.