للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نقل حرب عنه: إذا أصاب الكلب من غير أن يرسل فلا يعجبني، لأن حديث عدي بن حاتم إذا أرسلت كلبك المعلم وذكرت اسم الله (١) وهذا لم يذكر اسم الله، فظاهر هذا أنه اعتبر وجود الإرسال في الابتداء، فإذا لم يوجد ذلك ابتداء لم يبح، وهو الصحيح عندي.

فقال أبو بكر وشيخنا أبو عبد الله: يباح.

وجه الأولى: أن انفلات الكلب وذهابه تعلق به تحريم أكل الصيد، فوجب أن لا يرتفع ذلك الحكم بزجره، كما لو أرسله مجوسي فزجره مسلم أنه لا يتعلق الحكم بالزجر، كذلك ها هنا، ولأن زجر صاحبه له لم يقطع ما كان منه لأنه لم يرجع عن الاسترسال بل قوى فيه واشتد فلم يكن فيه قطعًا لاختياره، كما لو أن رجلا كان يمضي في حاجة فقال له رجل: بادر فيها، فأسرع وقوي في ذلك فإنه لا يكون قطعًا لما كان منه بل هو تقوية، فإذا صاد صيدًا فقد صادره لا عن إرسال فلم يجز أكله.

ووجه الثانية: أن الزجر لم يتقدمه إرسال، فوجب أن يتعلق الحكم بالزجر كما لو كان في يده فزجره، ويبين صحة هذا أن الزجر إذا لم يتقدمه إرسال تعلق الحكم، به، ألا ترى أن الكلب لو انفلت على دابة إنسان فزجره صاحبه فعقر دابة الإنسان، ضمن، فلو لم يزجره لم يضمن، ولأنه قد حصل سببان أحدهما بغير فعل الآدمي، وهو انفلات الكلب من غير إرسال صاحبه وذهابه، والآخر بفعل الآدمي، فيجب أن يتعلق الحكم بفعل الآدمي.

ألا ترى أن رجلًا لو حفر بئرًا في طريق المسلمين، أو وضع فيها حجرًا فعثر إنسان بدركه ووقع في البئر، أو على الحجر، تعلق الضمان على الحافر، وواضع الحجر، ولأنه لو صاح به فوقف ثم صاح به فاسترسل وقتل أبيح الأكل كذلك إذا لم يقف.

[أكل صيد المجوسي من من البحر]

٧ - مسألة: هل يباح أكل صيد المجوسي من البحر أم لا؟


(١) تقدم قريبا، في المسألة الثالثة.

<<  <  ج: ص:  >  >>