قال أبو بكر: لم يبلغني عن أبي عبد الله في هذه المسألة إلا ما رواه أبو الصقر فيتخرج على قولين:
أحدهما: يملك الفسخ عليه يعني يملك إيقاع الطلاق كما يملك العقد ألا ترى أنه لما ملك أن يبتاع له ملك أن يبيع عليه ويزيل ملكه عنه؟
والثاني: لا يملك إيقاع الطلاق عليه وهو أصح لأن الطلاق إنما هو لعجزه عن القيام بالزوجة أو لبغضه لها ولا يعلم ذلك من الصبي والمجنون.
[ولاية المرأة لنكاح أمتها أو معتقتها]
٢٤ - مسألة: في المرأة إذا كان لها أمة أو معتقة هل لها أن تزوجها بنفسها وإن زوجتها هل يصح العقد أم لا؟
فنقل أبو الحارث في امرأة زوجت أمتها بنفسها: لم يجز، هذا النكاح باطل. قال أبو هريرة: لا تنكح المرأة نفسها ولا تنكح من سواها (١). فظاهر هذا أنها ليست ولية بحال وهو اختيار الخرقي ﵀ لأنه قال يزوج أمة المرأة بإذنها من يزوجها ويزوج مولاتها من يزوج أمتها.
ونقل بكر بن محمد عن أبيه عنه: إذا كان للمرأة جارية من فعتقتها فأرادت أن تزوجها جعلت أمرها إلى رجل يزوجها لأن النساء لا يلين العقد فإن زوجت لم يفسخ النكاح. فظاهر هذا أنه لا يستحب ذلك ولكن العقد صحيح. قال أبو بكر: كلا القولين محتمل، والصحيح أن النساء لا يلين العقد ولا تكون المرأة عصبة في النكاح. وجه ذلك أن المرأة ناقصة بالأنوثية وولاية النكاح مبنية على الكمال فلم يكن لها مدخل فيها كما أن العبد والأمة لما كانا ناقصين بالرق لم يكن لها مدخل في ولاية النكاح ولأن المرأة لما لم يكن لها ولاية على نفسها فبأن لا يكون لها ولاية على أمتها أولى.
(١) سنن ابن ماجة كتاب النكاح باب لا نكاح إلا بولي ١/ ٦٠٥ حديث ١٨٨٢ بلفظ: (لا تزوج المرأة المرأة ولا تزوج المرأة نفسها فإن الزانية هي التي تزوج نفسها). والسنن الكبرى للبيهقي كتاب النكاح - باب لا نكاح إلا بولي ٧/ ١١٠، بلفظ ابن ماجة وبلفظ: (لا تنكح المرأة المرأة ولا تنكح المرأة نفسها).