ووجه الثانية: قول النبي ﷺ: إذا أرسلت كلبك وذكرت اسم الله فكل (١)، فلما شرط التسمية في إرسال الكلب دل على أنها غير شرط في السهم ولأن الصيد بالسهم ذكاة بآلة يعتبر فيها العقر وإنهار الدم فلم تكن التسمية فيها شرطًا، دليله الذبح، وقد ذكرنا في الذبيحة روايتين، كذلك ها هنا. ولا يلزم عليه الصيد بالجوارح لأن تلك ذكاة لا يعتبر فيها العقر وإنهار الدم فإنه لو خنق الصيد أبيح أكله وها هنا لو أصابه السهم بعرضه فقتله لم يبح، فأما ذبيحة الذمى وصيده هل يعتبر في إباحتها التسمية كالمسلم أم لا؟
فنقل ابن منصور عنه في نصراني ذبح ولم يسم قال: لا بأس، فقد أطلق القول بالإباحة ويجب أن يكون هذا محمولا على الرواية التي تقول: إنها ليست بشرط في حق المسلم، فلا يكون شرطًا في حقه. فأما إذا قلنا: إنها شرط في حق المسلم فهي شرط في حق الكتابي لأن كلما كان شرطًا في ذكاة المسلم فهو شرط في ذكاة الكتابي بدليل قطع الحلقوم والمريء والودجين ونحو ذلك.
[الصيد يغيب فيجده الصائد وبه السهم أو عليه الكلب]
٤ - مسألة: إذا أرسل سهمه أو كلبه على صيد فعقره قبل أن يغيب عنه ثم تحامل وغاب عنه فوجده ميتًا أو لم يعقره بل غاب السهم فالكلب والصيد قبل عقره ثم وجد الصيد ميتًا والكلب عليه، والسهم فيه، فهل يباح أكله أم لا؟
فيه ثلاث روايات:
إحداهما: الإباحة على الإطلاق قال في رواية حنبل والأثرم في رجل رمى صيدًا فغاب عنه ثم وجده بعد ميتًا فعرف سهمه فيه أيأكله؟ قال: نعم. فظاهر هذا الإباحة على الإطلاق وهو اختيار الخرقي.
والثانية: إن أدركه من يومه يومه أبيح أكله وإن أدركه من الغد لم يبح. قال في رواية ابن منصور: إذا غاب الصيد فلا يأكله إذا كان ليلًا وأما إذا كان نهارًا ولم ير به أثرًا غيره يأكله ومعنى قوله إذا كان ليلًا يعني إذا حال بينه وبينه الليل ووجده من الغد لم يبح.