للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شيء فقد نص على أنه إذا عفى عن القود مطلقًا عن ذكر مال لم يثبت له مال وهذا فائدة قولنا أوجب القود فحسب وهو اختيار الشيخ أبي عبد الله.

وجه الأولى: -وهي أصح- قوله تعالى: "فمن عفى له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف" (١). فأوجب الاتباع بمجرد العفو وحديث أبي شريح الكعبي أن النبي قال: "وأنتم يا خزاعة قد قتلتم هذا القتيل من هذيل وأنا والله عاقله فمن قتل بعده قتيلًا فأهله بين خيرتين ان أحبوا قتلوا وإن أحبوا أخذوا الدية. (٢). وحقيقة التخيير بين شيئين: إن كل واحد منها أصل في نفسه لا بدل عن صاحبه كالتخيير في كفارة الإيمان بين الإطعام والكسوة والعتق ولأنه لو كان الواجب بالقتل القود فقط لما جاز العدول عنه إلى غير جنسه بغير تراضى كسائر إبدال المتلفات فلما ثبت في مسألتنا جواز العدول إلى غير جنسه بغير رضاه ثبت أنه لم يجب معنا.

ووجه الثانية: قوله تعالى "النفس بالنفس" (٣) وقال تعالى: كتب عليكم القصاص في القتلى (٤). فظاهر هذا أن الواجب القصاص فقط فمن قال: القصاص أو الدية ترك الظاهر ولأنه بدل عن متلف فكان معينًا كسائر المتلفات، ولأنه قتل آدمي فكان بدله معينًا.

[استيفاء الوكيل في القصاص بغيبة الموكل]

١٥ - مسألة: هل يجوز للوكيل استفياء القصاص بغيبة من الموكل؟

فنقل ابن منصور عنه: للرجل أن يوكل بطلب الدم وله أن يقتل لأنه يقوم مقام موكله فظاهر هذا أن له ذلك بغيبة منه. ونقل حرب أيضًا: الوكالة جائزة


(١) سورة البقرة (١٧٨).
(٢) سنن أبي داود - كتاب الديات باب ولي الدم يرضي بالدية ٤/ ٦٤٤ حديث ٤٥٠٤.
وسنن الترمذي أبواب الدماء - باب ما جاء في حكم ولي القتيل في القصاص والعفو ٢/ ٤٣٠ حديث ١٤٢٧.
والسنن الكبرى للبيهقي - كتاب الجنايات - باب الخيار في القصاص ٨/ ٥٢.
(٣) سورة المائدة (٤٥).
(٤) سورة البقرة (١٧٨)

<<  <  ج: ص:  >  >>