ووجه ما نقله الخرقي أن اليمين تعلقت بفعل الحالف وحده، والحالف ما فارقه وإنما فارقه المحلوف عليه فلم يحنث، لأن الصفة ما وجدت، ويفارق هذا إذا قال لا افترقنا، لأن اليمين تعلقت بفعلها جميعًا، فلهذا حنث.
[فعل الممنوع باليمين على صفة غير الممنوعة]
١٣ - مسألة: إذا حلف لا يأكل سويقا بعينه فشربه أو لا يشربه فأكله فهل يحنت أم لا؟
نقل مهني فيمن حلف: لا يشرب هذا النبيذ، فترد فيه وأكله: لا يحنث فظاهر هذا أنه لا يحنث إذا أكل موضع الشرب أو شرب موضع الأكل.
وقال الخرقي إذا حلف لا يأكل سويقا فشربه أو لا يشربه فأكله حنث إلا أن يكون له نية. فظاهر هذا أنه يحنث وإن خالف الفعل اللفظ.
ولا يختلف المذهب أنه لو حلف لا يشرب سويقا لا يعينه فأكل سويقا أو حلف لا يأكل سويقا فشربه: إنه لا يحنث.
وقد قال أحمد في رواية إبراهيم الحربي فيمن حلف: لا شرب شيئًا فمص قصب سكر ليس عليه شيء، وكذلك لو حلف: لا يأكل شيئًا، فمص قصب سكر لم يكن عليه شيء على ما يتعارف الناس أن الرجل لا يقول: أكلت قصب السكر.
وجه ما نقله مهنى في أنه لا يحنث أن الأفعال أجناس وأنواع كالأعيان يقال أكل وشرب وقعد وقام وذهب كل واحد من هذا نوع غير الآخر، وكذلك الأعيان تمر وطعام وأنواع معقلى وبرني، ثم ثبت أن الأعيان إذا تعلقت الأيمان بجنس أو بنوع لا يتعلق بغيره كذلك في الأفعال مثله.
ووجدنا أن الأكل جنس والشرب جنس، فإذا تعلقت اليمين بجنس لم تتعلق بغيره.
ويبين صحة هذا لو كانت اليمين مطلقة لا على شيء بعينه، فقال: لا شربت سويقا فأكل سويقا لا يحنث لعدم الجنس المحلوف عليه كذلك إذا كانت معينة.
ووجه ما نقله الخرقي أن اليمين إذا تناولت شيئًا على صفة بعينها لم يعتبر وجود الصفة فيها حال تناولها. ألا ترى أنه لو حلف: أكلت هذا التمر فعمل