١٢ - مسألة: واختلفت في الجارية إذا بلغت رشيدة هل يدفع إليها مالها ويفك الحجر عنها قبل أن تتزوج؟
فنقل أبو طالب عنه: ليست الجارية مثل الغلام لا يعلم أنها تحفظ حتى تلد ولدًا أو يأتي عليها حول في بيت زوجها إذا كانت بكرًا، وإن كانت ثيبا جازت عطيتها فظاهر هذا أن الحجر مستديم عليها لحق نفسها كما يحجر على الصبي حتى تلد ولدًا أو يحول عليها الحول في بيت زوجها أو تزول بكارتها بجماع قال الخرقي ﵀ ومن أونس منه رشدا دفع إليه ماله إذا كان قد بلغ وكذلك الجارية وإن لم تنكح، فظاهر هذا أنها كالغلام، وأنه يفك الحجر عنها بالبلوغ ووجود الرشد. وجه الأولى: ما روي عن عمر ﵁ أنه قال: لا تعطى الجارية ما لها حتى تلد ولدًا. رواه الشعبي عن شريح: قال عهد إلى عمر ألا أجيز لجارية عطية حتى تحيل في بيت زوجها حولًا أو تلد ولدًا (١)، ولأنها لا معرفة لها بوجوه الصلاح من الفساد قبل لتزويج لأنه لم يحصل منها تجربة للأمور، فإذا تزوجت اختبرت الرجال وعرفت وجه الصلاح من الفساد يبين صحة هذا أن البكر البالغ لا يعتبر نطقها ولا رضاها في النكاح.
ويعتبر ذلك في حق الثيب لأنها اختبرت المقصود، ووجه ما ذكره الخرقي ﵀ أنها بالغة رشيدة فوجب دفع مالها إليها كما لو تزوجت وولدت يبين صحة هذا أن المرأة قبل التزويج تشح على مالها وتقتر على نفسها في النفقة وغيرها ليكثر مالها ويرغب الناس فيها، وإذا تزوجت خفت مؤنتها وحصلت على زوجها فتسمح نفسها وتوسع في نفقتها فلما جاز دفع مالها إليها بعد التزويج كان دفعه إليها قبله أولى.
(١) مصنف ابن أبي شيبة - كتاب البيوع والأقضية - باب في الجارية متى يجوز عطيتها ٦/ ٤١١ و ٤١٣ رقم ١٥٣٩ و ١٥٤٤.