للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يهب لولده شيئًا وهو فقير فيستغني بعد ذلك فيرغب الناس في معاملته ومصاهرته فلا يكون له الرجوع، وإن لم يبن نفعه عليه فله الرجوع.

وجه الأولى: ما روى ابن عباس ﵄ عن النبي ﷺ قال:

"لا يحل لأحد أن يهب هبة أو يعطي عطية ثم يرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي ولده" (١).

وهذا عام في كل هبة، ولأنه إنما ملك الرجوع في الهبة لما يختص به من أحكام لا يشاركه غيره فيها، منها أنه يلي عليه بغير توليه ويملك أن يبيع ماله ويبتاع منه وجعل في الشرع ماله له بقوله: أنت ومالك لأبيك (٢) وهذه المعاني موجودة إذا ظهر نفعها فيجب أن يملك الرجوع.

ووجه الثانية: أنه إذا ظهر نفع الهبة عليه فقد تعلق بها حق الغير وهو أنه من رغب في معاملته وفي خطبة ابنته انما رغب في ذلك لأجل المال الذي كان معه فيجب أن يمنع ذلك من الرجوع لما فيه من الضرر من تعلق حقه به، ولهذا المعنى إذا باعها الابن لم يملك الأب الرجوع فيها لتعلق حق الغير بها، وكذلك قلنا: إن العبد المأذون له تتعلق ديونه بذمة السيد لأنه لما أذن له في التجارة حصل منه غرور لمن عامله في أنه أذن له في الدين فتعلق بذمة سيده كذلك ها هنا يجب أن يمنع من الرجوع فيها لتعلق حق الغير بها.


(١) سنن أبي داود - كتاب البيوع - باب الرجوع في الهبة ٣/ ٨٠٨ حديث/ ٣٥٣٩.
وسنن الترمذي - أبواب الولاء والهبة - باب ما جاء في كراهية الرجوع في الهبة ٣/ ٢٩٩ حديث/ ٢٢١٥.
وسنن ابن ماجه - كتاب الهبات - باب من أعطى ولده ثم رجع فيه ٢/ ٧٩٥ حديث/ ٢٣٧٧.
(٢) سنن أبي داود - كتاب البيوع - باب في الرجل يأكل من مال ولده ٣/ ٨٠١ حديث/ ٣٥٣٠.
وسنن ابن ماجه - كتاب التجارات - باب ما للرجل من مال ولده ٢/ ٧٦٩ حديث/ ٢٣٩١ و ٢٣٩٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>