للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

به حظ تلك إلى نفسها وما كان لها به منفعة جاز أن يكون صداقًا كالمال ومنافع الخدمة.

ومن قال: لا يكون صداقًا فوجهه (ما روى أبو عبد الله بن بطة في سننه بإسناده عن عبد الله بن عمر عن النبي قال: (لا يحل لرجل أن ينكح امرأة بطلاق (١) أخرى (٢)) ولأن الطلاق ليس بمال ولا يقصد به المال في العادة فلا يكون صداقًا كرقبة الحر ومنافع البضع ويفارق المنافع لأنه يقصد بهم المال في العادة. فجاز أن يكون صداقًا، فإذا قلنا: لا يكون صداقًا، لها مهر المثل، كما لو تزوجها على خمر أو خنزير.

وإذا قلنا: يصح أن يكون صداقًا فإذا جعل صداقها طلاق فلانة بيدها بعد سنة صح ذلك لأن أكثر ما فيه أنه صداق مؤجل لأنه جعل لها استيفاءة بعد سنة فهو كما لو تزوجها على مائة درهم بدفعها بعد سنة فإن لم تطلق في الوقت الذي شرط فيه فقد قال أحمد يسقط حقها من الطلاق لأنه تمليك للطلاق فاقتضى إيقاعه على الفور كما لو خيرها في طلاق نفسها فلم تختر في مجلسها بطل خيارها كذلك هاهنا فإذا بطل حقها من الطلاق فهل يسقط المهر؟

قال أبو بكر يتخرج على وجهين:

أحدهما: يسقط لأنها أسقطت حقها باختيارها لأن الذي ملكته إيقاع الطلاق فلما أخرته فات باختيارها فهو كما لو تزوجها على عبد (فاتلفته فإنه يسقط حقها منه كذلك هاهنا.

والثاني: لا يسقط مهرها لأنها أخرت الاستيفاء عن وقته فلا يسقط كما لو تزوجها على مهر مؤجل فأخرت قبضه عن الأجل فإنه لا يسقط حقها كذلك هاهنا فإذا لم يسقط فإلى أي شيء ترجع؟

قال أبو بكر: يحتمل أن ترجع إلى صداق التي ملكها طلاقها لأنها ملكت زوال بضعها عن ملكه فإذا تعذر يجب أن يرجع فيه إلى قيمة البضع الذي


(١) سقط الحديث من (ب).
(٢) مسند الإمام أحمد ٢/ ١٧٦ و ١٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>