قال الخرقي: لا تطلق لأن القدوم لم يوجد منه وإنما قدم به.
وقال أبو بكر في كتاب الخلاف تطلق، وذكر عن أحمد كلامًا في رواية محمد ابن الحكم: إذا قال: إذا قدم فلان فأنت طالق فجاؤوا به ميتًا يحنث، واحتج أبو بكر في ذلك بأنه جعل القدوم صفة في الطلاق، وبالموت قد تعذر وجود الصفة من جهته فيجب أن يحنث كما قال أحمد، في رواية صالح إذا قال: أنت طالق إن لم تشربي من هذا الماء فصب أو طعامًا فأكله الكلب حنث لفوات الصفة كذلك هاهنا، ويبين صحة هذا أن الحج يبطل بالفوات كذلك هاهنا.
وعندي أن هذه المسألة لا تشبه ما ذكره لأنه إذا قال: إن قدم زيد فأنت طالق فقد جعل قدومه في وقوع الطلاق ولم يوجد ذلك من جهته، فالصفة لم توجد فلم يقع الطلاق كما لو لم يمت ولم يقدم وليس كذلك إذا قال: إن لم تأكلي من هذا الخبز أو تشربي من هذا الماء فأنت طالق لأنه علق وقوع الطلاق بعدم الأكل من جهتها وعدم الشرب. فإذا أكله الكلب وانقلب الماء فقد عدم ذلك من جهتها والصفة قد وجدت، فلهذا حنث فبان الفرق بينها.
فعل المحلوف على تركه نسيانًا أو إكراهًا:
٩٠ - مسألة: إذا حلف بالطلاق والعتاق والظهار واليمين بالله ألا يفعل شيئًا ثم فعله ناسيًا فهل يحنث في يمينه أم لا؟
فنقل محمد بن الحسن بن هارون إذا حلف بالله أو بالطلاق والعتاق لا يفعل شيئًا ففعله ناسيًا: لم يحنث فظاهر هذا أنه لا يحنث في شيء من ذلك.
ونقل أبو طالب في رجل حلف بالطلاق ثلاثا لا يدخل الدار فحمل كرهًا: ليس عليه شيء فإن دخلها ناسيًا لزمه لأن الناسي تلزمه الكفارة في كل شيء فظاهر هذا أنه يحنث في الطلاق لأنه قد نص عليه ويحنث في اليمين بالله ﷿ لأنه قال: الكفارة تلزمه في كل شيء.
ونقل حرب وأحمد بن هشام إذا حلف بالطلاق ألا يدخل هذه الدار فدخلها ناسيًا وجب عليه الطلاق وإن كان الحلف بالله فدخل ناسيًا فلا كفارة عليه فقد نص على الفرق بين الطلاق والعتاق وبين اليمين بالله ﷿