للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ووجه الثانية: قول النبي الولاء لحمة كلحمة النسب (١) وأجراها مجرى واحدًا ثم ثبت أن العبد يثبت له النسب وإن كان لا ولاية به ولا إرث، كذلك في الولاء مثله، ولأنه تكفير بمال بإذنه فأجزأ عنه دليله التكفير والإطعام والكسوة، ولأن من جاز له أن يكفر عنه بالإطعام جاز أن يكفر عنه بالعتق، كالحر، ولأن العتق قد يصح منه وإن لم يثبت له به ولاية كالسائبة وكما قالوا في الكافر: يعتق عبدًا مسلمًا والمسلم يعتق عبدًا كافرًا يصح وإن لم يكن ولاية ولا إرث.

فإذا قلنا: يصح أن يعتق بإذن السيد فأذن له سيده بالعتق عن كفارته فأعتق نفسه هل يجزي عتق العبد لنفسه عن كفارته؟

فقال أبو بكر: يتخرج على قولين أحدهما يجزيه لأن الإذن مطلق فهو عام فيه وفي غيره.

والثاني: لا يجزيه لأن المأمور لا يدخل تحت الأمر.

ألا ترى أنه لو أذن لعبده في لعبده في بيع عبيده لم يدخل هو تحت هذا الإذن فلا يجوز بيع نفسه، وكذلك الوكيل مأذون في البيع من غيره ولا يدخل هو تحت هذا الإذن فلا يجوز أن يبتاع لنفسه. فإن حنث وهو عبد فلم يكفر حتى عتق. فقال الخرقي فرضه الصوم لا يجزيه غيره فإن كفر بغير الصوم بالعتق أو بالإطعام لم يجزه ولم أجد هذه اللفظة عن أحمد أنه لا يجزيه وإنما المنصوص عنه أنه يصوم لأنه هو الواجب عليه، ومعناه أنه لا يلزمه التكفير بالمال اعتبارًا


(١) السنن الكبرى للبيهقي كتاب الفرائض - باب الميراث بالولاء ٦/ ٢٤٠ وكتاب الولاء باب من أعتق مملوكا له ١٠/ ٢٩٢.
بلفظ (الولاء لحمة كلحمة النسب لا يباع ولا يوهب) وبهذا اللفظ أخرجه ابن أبي شيبة عن الحسن من قوله - كتاب البيوع باب بيع الولاء ٦/ ١٢٣ وعبد الرزاق عن الحسن من قوله - في كتاب الولاء باب بيع الولاء وهبته ٩/ ٥ رقم ١٦١٤٧.
وعن سعيد بن المسيب من قوله أيضًا في الموضع السابق ٩/ ٥ رقم ١٦١٤٩.
والدارمي عن عبد الله - لعله ابن أبي أوفى - ما صرح به الهيثمي - كتاب الفرائض باب بيع الولاء ٢/ ٣٩٨.
فأخرجه الهيثمي دون قوله (لا يباع ولا يؤهب) في كتاب الفرائض - باب ما جاء في الولاء ومن يرثه ٤/ ٢٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>