للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وخرج بقوله: (من الوحى) ما زاد من دلائل نبوته من غير وَحْي كتسليم الحجر عليه وما سمعه من بحير الراهب في النوم؛ ذكر لزيادة الإيضاح، أو لدفع تَوَهُّمِ أن المراد بالرؤيا: رؤية العين، رؤيا بلا تنوين، كحُبْلَى.

(مثل فلق الصبح) منصوب نعتًا لمصدر محذوف أي: مجيئًا مثل، أو حالًا أي: مشبهة ضياء الصبح. (وفلق الصبح) وكذا فرقة الصبح بفتح أولهما، وثانيهما بمعنى ضيائه.

وحكي تسكين اللام، وإنما يقال ذلك لما كان واضحًا بَيّنًا قبل. والفلق: مصدر كالانفلاق والصحيح: أنه معنى مفلوق، وهو اسم للصبح، فأضيف أحدهما للآخرة لاختلاف اللفظين فالإضافة فيه للبيان، وقد جاء الفلق منفردًا عن الصبح، كما في {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} [الفلق: ١] وقيل: لما كان الفلق اسمًا للصبح ويستعمل في غيره أضيف للصبح للتخصيص من إضافة العام للخاص، كما يقال: عين الشيء ونفسه.

إنما ابتدئ - صلى الله عليه وسلم - بالرؤيا؛ لئلا يفجأه الملك، ويأتيه بصريح النبوة بغتة فلا تتحملها القوى البشرية، فبُدئ بأوائل خصال النبوة (حبب إليه الخلاء) ببناء (حبب) للمفعول، والخلاء بالمد والقصر، وبالتذكير والتأنيث، وبالصرف وعدمه: الخلوة، بأن يخلو عن غيره بل وعن نفسه بربه، وإنما حببت إليه الخلوة؛ لأن معها فراغ القلب والانقطاع عن الخلق؛ ليجد الوحيُ منه مكانًا سهلًا لا حزنًا. وفيه: تنبيهٌ على فضل العزلة؛ لأنها تريح القلب من أشغال الدنيا وتفرغه لله تعالى؛ فيتفجر منه ينابيع الحكمة.

(بغار) وهو نقب في الجبل، وجمعه غيران وهو قريب من معنى

<<  <  ج: ص:  >  >>