للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قريش احصدوهم حصدًا وأمر إحدى يديه على الأخرى (١) حتى ظنوا أن السيف لا يرفع عنهم يرفع عنهم وأنه بعث خالد بن الوليد على المجنبة اليمنى والزبير على اليسرى (٢) وإن خالدًا قتل من أسفل مكة سبع عشرة نفسًا حتى انهزموا (٣) فقال قائلهم:

إنك لو شهدت يوم الخدمة … إذ فر صفوان وفر عكرمة

فلو كان هناك صلح كيف كان يخفى على خالد بن الوليد وعلى صفوان وعكرمة ورؤساء قريش.

وروي أنه لما دخل مكة صعد إلى باب الكعبة وأخذ بعضادتي الباب وقال: الحمد لله الذي صدق وعده ونصر عبده وأعز جنده وهزم الأحزاب وحده ثم التفت إلى قريش وهم حواليه، فقال لهم: ما تقولون؟ فقالوا: نقول: أخ كريم وابن أخ كريم قد ملكت فاصنع ما شئت. فقال : أقول ما قال أخي يوسف "لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين أنتم الطلقاء" (٤).

فلو كان بينهم صلح لم يقولوا: ملكت فاصنع ما شئت ولم يكن النبي يقول: أنتم الطلقاء لأنهم طلقاء قبل وجود هذا القول فلا يصيرون طلقاء بقوله. ألا ترى أنه لما دخل مكة في عمرة القضاء عن صلح لم يكن أهل مكة طلقاء ولم يقل لهم ذلك وهذا خبر مستفيض لأن الصحابة كانت تسمي الذين أطلقهم رسول الله ذلك اليوم الطلقاء مثل سهيل بن عمرو ومعاوية وكانوا يسمون


(١) صحيح مسلم - كتاب الجهاد - باب فتح مكة ٣/ ١٤٠٥ حديث ١٧٨٠. عن أبي هريرة. وسنن أبي داود، كتاب الجهاد، باب ما جاء في خبر مكة ٣/ ٤١٨، حديث ٣٠٢٤ عن أبي هريرة بلفظ (فلا يشفن لكم أحد إلا أمنتوه). والسنن الكبرى للبيهقي - كتاب السير - باب فتح مكة ٩/ ١١٧. وسنن الدارقطني - كتاب البيوع ٣/ ٦٠.
(٢) السنن للبيهقي، كتاب السير، باب فتح مكة ٩/ ١١٧.
(٣) السنن للبيهقي، كتاب السير، باب فتح مكة ٩/ ١٢١. ومجمع الزوائد، كتاب الجهاد، باب غزوة الفتح، ٦/ ١٧٢.
(٤) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب السير، باب فتح مكة ٩/ ١١٨. ورواه ابن كثير عن الطبراني في البداية والنهاية ٤/ ٣٠١.

<<  <  ج: ص:  >  >>