وقال ابن عبد البر: توفي سنة خمس وثمانين وكان جوادا كريما طريفا حليما عفيفا ولا يرى بسماع الغناء بأسا ويقولون: إن أجواد العرب في الإسلام عشرة: ابن جعفر وعبيد الله بن العباس وسعيد بن العاص، وعتاب بن ورقاء، وأسماء بن خارجة، وعكرمة الفياض، وابن معمر، وطلحة الطلحات، وابن أبي بكرة، وخالد بن عبد الله بن خالد بن أسيد، وليس فيهم كلهم أجود من ابن جعفر لم يكن مسلم يبلغ مبلغه في الجود.
وفي كتاب ابن الأثير عن الأصمعي قال: حدثني العمري أو غيره أن عبد الله بن جعفر أسلف الزبير بن العوم ألف ألف درهم فلما قتل الزبير قال عبد الله بن الزبير لابن جعفر: إني وجدت في كتب أبي أن له عليك ألف ألف درهم قال: هو صادق فاقبضها إذا شئت، ثم لقيه فقال:[وهبت] يا أبا جعفر المال لك أنت عليه فاختر إن شئت فهو له وإن كرهت ذلك فله فيه نظرة ما شئت وإن لم تر ذلك فبعني من ماله ما شئت فقال: أبيعك ولكني أقوم فقوم الأموال ثم أتاه فقال: أحب ألا يحضرني وإياك أحد قال: فانطلقا وأعطاه ابن الزبير مكانا خرابا وشيئا لا عمارة فيه وقومه عليه حتى إذا فرغ قال ابن جعفر لغلامه: ألق لي في هذا الموضع مصلى فألقى له في أغلظ موضع من تلك مصلى فصلى ركعتين وسجد يدعو فلما فرغ قال لغلامه: احفر موضع سجودي فحفر فإذا عين قد أنبطها فقال ابن الزبير: أقلني قال أما دعائي الذي أجابه الله تعالى فلا أقيلك، فصار ما أخذ ابن جعفر أعمر مما في يد ابن الزبير ولما توفي حمله أبان فما فارقه حتى وضعه بالبقيع وإن دموعه لتسيل