لم يكن يراه أنه مكفوف ويزيل الكتاب والحجاب من بين يديه يومئذ، وكان إذا أشرف على إنفاذ حكم على أحد يصلي حزبه من الليل فإذا جلس في آخر صلاته عرض ذلك الحكم على الله تعالى يقول: اللهم إن فلانا خاصم إلي فلانا وادعى عليه بكذا ويذكر الواقعة بعينها ثم يسأله التوفيق والتسديد حتى يطلع الفجر ومات رحمه الله بالفالج ولما توفي رأى رجل في النوم قائلا يقول بأعلى صوته:
زأرت ذائب بعد طول عوائها ... لما تضمنه القليب الملحد
فتعجب الناس من رؤياه وبكى عليه الأمير إبراهيم بن الأغلب منتحبا وغيره حتى فرغوا من دفنه وذلك سنة تسعين ومائة.
وفي كتاب " التعريف بصحيح التاريخ " لأبي جعفر أحمد بن إبراهيم بن أبي خالد: وفيها - يعني سنة تسعين ومائة - مات أبو عبد الرحمن عبد الله بن عمر بن غانم وهو قاضي إفريقية وذلك في شهر ربيع الآخر حدثني الثقة عن سليمان بن عمران قال سمعت أسد بن الفرات يقول: كان ابن غانم فقيها له عقل وصيانة وله لما تولى أربعون سنة وكان يكاتب الرشيد.
ولما ذكره ابن خلفون في كتاب " الثقات " قال: مات في ربيع الآخر، وروى عنه: القعنبي وغيره.
والعجب من المزي ذكر لهذا الرجل ترجمة ضئيلة من غير ذكر وفاة وقال: قال ابن يونس دخل الشام والعراق في طلب العلم أحد الثقات الأثبات ثم قال: قال ابن يونس في موضع آخر: بهلول بن راشد الإفريقي يقال ولد بإفريقية سنة ثمان وعشرين ومائة مع عبد الله بن غانم في شهر واحد في ليلة واحدة. فيظن من رأى هذا أنه كفاه مؤنة النظر في كتاب ابن يونس ولو حلف حالف أنه ما رأى كتاب ابن يونس حالة التصنيف لما كان آثما ليحسن بمن رأى كتاب ابن يونس أن يدع منه من غير فصل في مثل هذه الترجمة الضيقة عنده. قال سعيد بن عفير: يقال إن غانما قدم مصر مع جناب بن مرغد الرعيني وكان مولى له ثم انتموا بعد إلى العرب فقد عبد الله