يحيى روى عن أبي قدامة، ثم ضرب على حديثه لا لجرح فيه، فإن أبا قدامة أحد أئمة الحديث متفق على إمامته، وحفظه، وإتقانه، لاستزادة وقعت بينهما، والأحرف التي ذكرتها من سماعه من أبي قدامة أظنها تملأ عندي في جزء منقطع من حديث البصريين، كتبه محمد بن يحيى عنه بالبصرة، ثم خط على أوله وأخره بغير الحبر المكتوب به، وكان سبب استزادته لأبي قدامة أني سمعت أبا عبد الله الحافظ قال: سمعت أبا بكر الجارودي يقول: ورد أبو قدامة نيسابور، فدخل عليه عبد الرحمن بن بشر بن الحكم فقام له قياما، فما كان إلا بعد ساعة حتى دخل محمد بن يحيى فلم يقم له، فخرج محمد وهو متغير عليه، فأخبر أبو قدامة بذلك، فقال: إن عبد الرحمن أنا ربيته، وكان أبوه سلمه إلي فخرجت به إلى يحيى بن سعيد، فسألني يحيى أن أحج بابنه، فقلت: فما أصنع بوديعة بشر، قال: أما ترضاني له، فسلمته له وحججت بمحمد بن يحيى بن سعيد، فإنما قمت لعبد الرحمن [ق ٥٨ / أ] لذلك. قال: فلم يرجع له محمد بن يحيى إلى ما كان عليه، ثم ضرب على حديثه، وقد كان حدث عنه.
وفي قول المزي: قال البخاري وغيره: مات سنة إحدى وأربعين ومائتين زاد غيره: بفربر عي لا مزيد عليه؛ لأمرين:
الأول: كان ينبغي أن يقول: زاد غيرهم.
الثاني: الغير لم يذكره، ولا ذكر اسمه، ومثل هذا لا يقبل إلا بعد البيان، وكأنه رأى ذلك في كتاب " الكمال " فنقلها مرسلة، ولم يعزها كعادته، وكأن صاحب " الكمال " رأها عند صاحب " النبل " فأنف من عزوه إليه وما دريا – غفر الله لهما – أن الحاكم قال: سمعت أبا أحمد علي بن محمد الأذرقي يقول: سمعت محمد بن موسى الباشاني يقول: مات أبو قدامة بفربر، سنة إحدى وأربعين ومائتين.