فقال له مولاه: يا أبا بكر أذكر ما كنت فيه وأنه لم يكن أحد يلتفت إليك، وقد جربت حال العدم فقال: يا هذا أمسك عني فإني لم أر كريمًا تحنكه التجارب في ماله ونحن بالله وله.
وعن أبي الزناد قال: كان الزهري حين جلس لا يشك في أنه لا يسأل عن شيء إلا وجد عنده منه؛ فسئل عن أيسر الأشياء فلم يعلمه.
وقال ابن أبي حاتم: ثنا أحمد بن سنان قال: كان يحيى بن سعيد القطان لا يرى إرسال الزهري وقتادة شيئًا. ويقول: هو بمنزلة الريح، ويقول: هؤلاء قوم حفاظ كانوا إذا سمعوا الشيء علقوه.
وفي " تاريخ البخاري الصغير ": ثنا جنادة، ثنا مخلد بن حسين عن الأوزاعي عن سليمان بن حبيب المحاربي قال: قال عمر بن عبد العزيز: ما قال الزهري مما رواه فاشدد يديك، وما أتاك عن رأيه فانبذ به.
وفي " طبقات العلماء "[ق ٣٢/أ] لمحمد بن جرير الطبري: قال قتادة: ما بقي على ظهرها إلا رجلان الزهري وآخر؛ فظن أنه يريد نفسه.
وفي " تاريخ المنتجالي ": عن الليث: كان ابن شهاب من أسخى من رأيت، كان يعطي كل من سأله حتى إذا لم يبق معه شيء تسلف من أصحابه فلا يزالون يعطونه حتى إذا لم يبق شيء تسلف من عبيده ولا يرى بذلك بأسًا، وربما جاءه إنسان فلا يجد ما يعطيه فيتغير لذلك وجهه، ويقول: أبشر فسوف يأتي الله تعالى بخير. فقال: فيقيض الله تعالى لابن شهاب أيما رجل يهدي له أو يقرضه أو يبيعه وينظره، قال: وكان يطعم الناس الثريد في الخصب وغيره ويسقيهم العسل.
قال: وكان يسمر على العسل كما يسمر أصحاب الشراب على شرابهم ويقول: اسقونا وحدثونا. فإذا رأى أحدًا من أصحابه قد نعس قال له: ما أنت من سمار قريش الذين قال تعالى فيهم: {سامرًا تهجرون} قال: وسمعته يبكي العلم ويقول: يذهب العلم وقليل من يعمل به.