فما لي ثأر دون قطع لسانه ... فدونك من ترضه عنك الدراهم
ألم تنذركم يوم بدر سيوفنا ... وطارت أكف منكم وجماجم
وأحلف بالله الذي أنا أعبده ... لتصطعقن يوما عليك المأثم
قال أبو الفرج الأصبهاني: قدم وفد الأنصار على معاوية، وعليهم النعمان، فقالوا لحاجبه: استأذن للأنصار، فلما استأذن لهم قال عمرو: ما هذا اللقب الجديد؟ اخرج فقل: من كان هنا من أولاد عمرو بن عامر فليدخل، فدخل ناس، ولم يدخل الأنصار، فقال: من كان هنا من أولاد قتلة فليلج، فلم يدخل أحد، فقال: من كان هنا من الأوس والخزرج فليلج، فلم يدخل أحد، فقال معاوية: هذا عملك، اخرج فأذن للأنصار، فدخلوا يقدمهم النعمان، وهو يقول:
يا عمرو لا تعد الدعاء فما لنا ... نسب نجيب به سوى الأنصار [ق١٦٨/ب]
نسب تخيره الإله لصحبنا ... أثقل به نسبا على الكفار
إن الذين فروا ببدر منكم ... يوم القليب هم وقود النار
وكان جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم – ورجل آخر ليشهدا غزوة له فيما قيل، فاستصغرهما فردهما، وكان النعمان عثمانيا، وشهد مع معاوية صفين، ولم يكن معه من الأنصار غيره. وكان كريما عليه، مرضيا، أثيرا، مقدما، مكينا عنده، وعند يزيد بعده، ولما أمر معاوية لأهل الكوفة بزيادة عشرة دنانير لكل واحد، وكان النعمان عليها؛ لم ينفذ لهم ذلك، لرأيهم في علي، فكانوا يسألونه، فيأبى، ويقول لهم على المنبر: لا ترون على منبركم بعدي من يقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم –، فقال عبد الله بن همام السلولي من أبيات:
زيادتنا نعمان لا تحبسنها ... خف الله فينا والكتاب الذي تتلو
وقد نلت سلطانا عظيما فلا تكن ... لغيرك جمات الندى ذلك البخل
وأنت امرؤ حلو اللسان بليغه ... فما باله عند الزيادة لا يحلو
فقال: والله لا أجيزها أبدا، وعن خالد بن كلثوم: خرج النعمان في ركب