فليلة: هو قائم حتى الصباح، وليلة هو راكع حتى الصباح، وليلة هو ساجد حتى الصباح، وكان يواصل الصيام سبعا يصوم يوم الجمعة فلا يفطر إلا ليلة الجمعة الأخرى، ويصوم بالمدينة فلا يفطر إلا بمكة، وكان إذا أفطر، يفطر على لبن لقحة بسمن بقر وصبر.
وقال القاسم: ما كان أحد أعلم بالمناسك منه، وهو أول من كسى الكعبة الديباج وإن كان يطيبها حتى يجد ريحها من دخل الحرم، وسمع معاوية بن أبي سفيان رجلا وهو يقول:
ابني رقاش ماجد سميدع ... يأبى فيعطي عن يد ويمنع
[ق ٢٦٨/ب] فقال: ذاك عبد الله بن الزبير، وسئل سعيد بن المسيب عن خطباء قريش في الإسلام فقال: معاوية وابنه وعبد الله بن الزبير وسعيد، وابنه، وكان عبد الله لا ينازع في ثلاثة: شجاعة وعبادة وبلاغة، وفيه يقول أبو ذؤيب الهذلي ورأى شجاعته في غزوه إفريقية:
وصاحب صدق كسيد الضراء ... ينهض من الغر نهضا نجيحا
قريع الغزاه فما إن يزال ... مضطمرا طرتاه طليحا
وشك الفضول بعيد القفول ... إلا مشاحاه أو مشيحا
قد أبقا لك الابن من جسمه ... نواشر سيد ووجها صبيحا
ارتب لصحبته فانطلقت أزجي ... بحب اللقاء السنيحا
وقال نعيم بن مسعود الشيباني يرثيه وأخاه مصعبا:
ألا إن هذا الدين من بعد مصعب ... وبعد أخيه قد تنكر أجمع
وأن ليس للدنيا بها وريشها لقد ... كان وصفا وافر الفرع أفرع
فالدين والدنيا بكينا وإنما على ... الدين والدنيا لك الخير يتجزع