ما أعلم أني رأيت عنده عشرين رجلا. قيل له: وقد ذكر لي بعض من هنا كثرة ما يجتمع عليه، فقال: كان هذا إذا قدم صنعاء، وأما في منزله فلا، وقد سمع منه كثيرا إذ بعث فيه إسحاق بن العباس الهاشمي وإلى صنعاء ليحمله إلى [ق١٣/أ] المأمون فحينئذ سمع منه في تلك الأيام، وكان المأمون أمر بحمله مكرما ولو على أعناق الرجال، وأن يدفع إليه لإزاحة علله ألف دينار، فأتى فقال له والي صنعاء: ترد قول أمير المؤمنين؟ فقال: إن أردت حملي فأت بأبي ودع جسدي. قال الدبري: فعافاه الله من غلظة إسحاق بن العباس وشدته.
وفي " الكمال ": عن عبد الوهاب بن همام قال: كنت عند معمر وكان خاليا، فقال: يختلف إلينا في طلب العلم من أهل اليمن أربعة: رباح بن زيد، ومحمد بن ثور، وهشام بن يوسف، وعبد الرزاق. فذكر كلاما آخره: فأما عبد الرزاق فخليق أن تضرب إليه أكباد الإبل.
قال محمد بن أبي السري: فوالله لقد أتعبها.
وعن أبي صالح محمد بن إسماعيل الضراري قال: بلغني وأنا بصنعاء عند عبد الرزاق أن يحيى بن معين وأحمد بن حنبل وغيرهما تركوا حديث عبد الرزاق وكرهوه، فدخلنا من ذلك غم شديد وقلنا أنفقنا ورحلنا وتعبنا وآخر ذلك سقط حديثه، فلم أزل في غم من ذلك إلى وقت الحج، فوافقت أبا زكريا ابن معين، فقلت: يا أبا زكريا ما الذي بلغنا عنكم في عبد الرزاق؟ فقال: ما هو؟ قلت: بلغنا أنكم تركتم حديثه، ورغبتم عنه. فقال: أبا صالح لو ارتد عبد الرزاق عن الإسلام ما تركنا حديثه.
وروينا عنه أنه قال: قدمت مكة فمكثت ثلاثة أيام لا يجيئني أصحاب الحديث، فتعلقت بالكعبة، وقلت: يا رب مالي أكذاب أمدلس أنا؟ فرجعت إلى البيت فجاءوني.