أما قول سعيد فيه فقد ذكر العلة الموجبة للعداوة بينهما أبو عبد الله محمد بن نصر المروزي في كتابه " الانتفاع بجلود الميتة " بسبب استفتاء رجل نذر نذرا لا ينبغي له من المغاني، فأمره سعيد أن يفي بنذره، فسأل الرجل عكرمة فأمره بالتكفير وألا يوفي، فأخبر الرجل سعيدا، فقال ابن المسيب: لينتهين عكرمة أو ليوجعن الأمراء ظهره، فرجع الرجل إلى عكرمة فأخبره الخبر فقال عكرمة: أخبره [].
وقد تكلم فيه ابن سيرين، ولا خلاف أعلم بين ثقات أهل العلم أنه أعلم بكتاب الله تعالى من ابن سيرين. وقد يظن الإنسان ظنا يغضب له، ولا يملك نفسه، وزعم بعضهم أن مالكا أسقط ذكره – يعني: من حديث ابن عباس في الهلال – ولا أدري ما صحة هذا؛ لأن مالكا ذكره في كتاب الحج مصرحا باسمه، ومال إلى روايته عن ابن عباس، وترك رواية عطاء عنه في تلك المسألة، وعطاء أجل التابعين في علم المناسك.
وقال أبو جعفر محمد بن جرير الطبري: والصواب من القول عندنا في عكرمة وفي غيره ممن شهر في المسلمين بالستر والصلاح، أنه جائز الشهادة ما استحق الوصف بالعدالة من أهل الإسلام، ولا يدفع ذو علم بعكرمة ومعرفة بمولاه ابن عباس أن عكرمة كان من خواص مماليكه، وأنه لم يزل في ملكه حتى مضى لسبيله - رضي الله عنه - مع علمه به وبموضعه من العلم بالقرآن وتأويله وشرائع الإسلام وأحكامه، وأنه لم يحدث له إخراجا عن