وأتت على الدنيا مكب منافس ... لخطابها فيها حريص مكاثر [ق ١٣٦ / ب]
على خطر تمسي وتصبح لاهيا ... أتدري بماذا لو عقلت تخاطر
وإن أمرء يسعى لدنيا دائبا ... ويذهل عن أخراه لاشك خاسر
فختام على الدنيا أقبالك، وبشهواتها اشتغالك، وقد وخط القبر وأتاك النذير وأنت عما يراد بك ساهي وبلذة يومك لاهي.
وفي ذكر هول الموت والقبر والبلا ... عن اللهو واللذات للمرء زاجر
أبعد اقتراب الأربعين تربص ... وشيب فذاك مذ ذلك كاسر
كأنك معني بالذي هو ضائر ... لنفسك عمدا أو عن الرشد حائر
انظر إلى الأمم الماضية والملوك الفانية كيف أفنتهم الأيام ووافاهم الحمام فأضحت من الدنيا آثارهم وبقيت فيهم أخبارهم.
وأضحوا رميما في التراب وعطلت ... مجالس منهم أقفرت مقاصر
وحلوا بدار لا تزاور بينهم ... وأنى لسكان القبور التزاور
فما إن ترى الأحاقد فووابها ... مسطحة تسفى عليها الأعاصر
كما من ذي متعة وسلطان وجنود وأعوان تمكن من دنياه ونال فيها ما تمناه وبنى القصور والدساكر وجمع الأعلاق والذخائر.
فما صرفت لذي المنية إذ أتت ... مبادرة تهوي إليه الذخائر
ولا دفعت عنه الحصون التي بني ... وحف بها أنماره والدساكر
ولا قارعت عنه المنية حيلة ... ولا طمعت في الذب عنه العساكر
أتاه من الله ما لا يرد ونزل به من قضائه ما لا يصد، فتعالى الله الملك الجبار المتكبر القهار قاصم الجبارين ومبيد المتكبرين.
مليك عزيز لا يرد قضاؤه ... حكيم عليم نافذ الأمر قادر
عادل ذي عز لعزة وجهه ... فكل عزيز للمهيمن صاغر [ق ١٣٧ / أ]