وعن سفيان قال: ما رأيت مثل عمرو، كان ليلة عند المنصور فقمنا وتركناهما يتحدثان فأسمع أبا جعفر يقول: ناولني تلك الدواة لشيء أكتبه. فقال: لا أفعل.
قال: ولم؟ قال: أخاف أن تكتب بقتل مسلم أو أخذ ماله.
فقال أبو جعفر: قطعت – والله – الأعناق، أتعبت – والله – من بعدك، لله درك يا أبا عثمان.
ثم صاح بالربيع فناوله إياها وقال: ألم تسمع ما قال لي هذا الشيخ؟ قال: نعم.
قال: إنك إذا فقدت هذا الشيخ لم تر مثله أبدًا.
وحكى عنه الجاحظ: أنه صلى أربعين عامًا الفجر بوضوء المغرب وحج أربعين حجة ماشيًا وإن بعيره لموقوف على من أحصر، وكان يحيي الليل بركعة واحدة وترجيح آية واحدة.
وحكى أن زلزلة وقعت بالبصرة فمالت اسطوانة في الجامع [ق ٢٤٢/ب] فما بقي قائم إلا خر قاعدًا ولا قاعدًا إلا خمد وإن عمرًا ليصلي بقربها ما التفت إليها.
وقال عمرو: حضرت مجلسه في المسجد الحرام فسأله رجل عن مسألة فأجاب فيها، فقال الرجل: يا قدري فقام إليه الثوري بنعله فقال: يا عدو الله، أتستقبل الرجل الصالح في وجهه!
وقال أبو الهذيل: جاء رجل إلى عمرو فسأله عن شيء فلم يجبه كأنه استثقله فقال الرجل:
إن الزمان – وما تفنى عجائبه - ... أبقى لنا ذنبًا واستأصل الرأسا
فقال عمرو: كأنك تعني واصلًا، إي والله كان لي رأسًا وكنت له ذنبًا.
وجاءه رجل فقال: يا أبا عثمان، حضرت مجلس موسى الأسواري فذكرك وعابك.
فقال له عمرو: ما رعيت حق الرجل، تحضر مجلسه وتؤدي إلينا سقطاته، إذا لقيته فأقرئه مني السلام.
وقال له خالد بن صفوان: لم لم تأخذ مني فتقضي دينًا إن كان عليك؟ فقال: ما أخذ أحد من أحد شيئًا إلا ذل له، وأنا أكره ذلك.
وقال فيه الحسن بن أبي الحسن: عمرو وما عمرو، إذا قام بأمر قعد به، وإذا