قعد بأمر قام به، وما رأيت علانية أشبه بسريرة من علانيته، ولا سريرة أشبه بعلانية من سريرته.
وقيل لعمرو: يجوز أن ينحر قبل أن يصلي الإمام؟ فقال: إذا كان الإمام يجوز أن ينحر فيجوز أن ينحر قبل أن يصلي.
ولما بلغ المنصور أن عبد الله بن حسن بن حسن كاتب عمرو بن عبيد قال: ذهبت البصرة وذهب بذهابها مكة والمدينة والبحران واليمامة والأهواز وفارس وخراسان.
فانحدر إلى البصرة وقام بالجسر الأكبر، وبعث إلى عمرو بن عبيد فأتاه فقال: أكنت أجبت عبد الله عن كتابه إليك؟ فقال: أتاني كتاب معنون باسمه وكنيته، ما فككته ولا عرفت [ق ٢٤٣/أ] خطه، وما بيني وبينه أمارة أعرفها.
قال: فابعث من يحمل الكتاب إلي.
قال: هذا ما لا يكون أبدًا.
قال: أنا أبعث إلى أهلك.
قال: إنهم لا يعرفون مكانه.
قال: فاحلف لي أنك لم تجبه.
قال: الحلف في التقية كالكذب في التقية.
قال: صدقت.
فقال له: أنت على ما كنت عليه يا أبا عثمان؟ قال: نعم.
قال: إذا كان ذلك فأنا من أعوانك.
وقيل لأبي جعفر: إن عمرًا خارج عليك.
فقال: هو يرى أن يخرج علي إذا وجد ثلاثمائة وبضعة عشر رجلًا مثل نفسه، وذلك لا يكون أبدًا.
وقال إسحاق بن الفضل: إني على باب المنصور وإلى جانبي عمارة بن حمزة إذ طلع عمرو على حمار، فنزل عن حماره ثم نحى البساط برجله ثم جلس.
فقال عمارة: لا تزال بصرتكم ترمينا بأحمق.
فبينا نحن كذلك إذ خرج الربيع وهو يقول: أبو عثمان عمرو بن عبيد.
قال: فوالله ما دل على نفسه حتى أرشد إليه فأتكأه يده ثم قال: أجب.
فدخل فالتفت إلى عمارة وقلت: إن الذي استحمقته قد دعى وتركنا.
قال: فلبث طويلًا، ثم خرج متكئًا على الربيع وهو يقول: يا غلام، حمار أبي عثمان.
فما برح حتى أقره على سرجه، وجمع إليه ثيابه وودعه، فالتفت إليه عمارة وقال: لقد فعلتم بهذا الرجل ما لو فعلتموه بولي عهدكم كنتم قد قضيتم ذمامه.
قال الربيع: الذي غاب عنك أكثر، ما هو إلا أن الخليفة سمع بمجيئه فما أمهل حتى أمر ببيت له