ثم سَوَّد كتابًا آخَرَ فيه من الفُحشِ والفِسقِ والفُجورِ والطعنِ على أبي هريرة - رضي الله عنه - ما يَعِفُّ اللسانُ عن نُطقِه، ويأبى القلمُ أن يَخُطَّه على الورق، يَتَّهمُ فيه أبا هريرة بالكذب، هذا الدجَّالُ عدوُّ أبي هريرة لَمَّا مات اسوَدَّ وجهُه، وجَعل يقول:"ما لي ولأبي هريرة"؟!.
° هذا الذي ما أقرَّ بعدالة الصحابة ولم يُسَلِّم بهذا، وقال طعنًا في حُفَّاظِ الحديث وحَمَلَةِ سُنَّة النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ساخرًا منهم:"ماذا تكونُ حالُ كثيرينَ منَ الذين يزعُمون اليومَ أنهم من المُحدِّثين -أولئك الذين يَتسلَّلون بين أشباههم منَ العامَّة- ومَبلَغُ علمِهم أنهم قرؤوا بعضَ كُتبِ الحديث، واستَظهروا عددًا مما فيها، يجترُّونه ليؤيِّدوا به باطلَ المعتقَدَات وسُوءَ العادات ويُروِّجوا به ما فَشَى بين الناس من الترَّهاتِ والخرافات، لكي يختلِسوا احترامَ الدَّهْماء وثِقَتَهم، ويأكلوا بالباطل والإثم أموالَهم.
على أنهم لو عَرَفوا قَدْرَ أنفُسِهم، وأن ما يحفظونه مما لا يَزيدُ أكثرُه عند أحفظهم على عَشَرَات من الأحاديث، وأن كتابًا من كُتب الحديث لا يَزيدُ ثَمنه عن بِضعةِ قروشٍ يُغني عنهم جميعًا! لو أنهم عرفوا ذلك كلَّه واستيقنوه لَقَبَعوا في جُحورهم، ولأراحوا الناسَ من نقيقهم.
ورَحِم الله أستاذَنا الإِمامَ "محمد عبده" -رحمه الله - حيث قال في رجلٍ وصفوه بأنه قد جَدَّ واجتَهَد حتى بَلَغ ما لم يَبْلُغْه أحد، فحَفِظَ مَتْنَ البخاريِّ كلَّه: "لقد زادت نُسخةٌ في البلد".
حقًّا -واللهِ- ما قاله الإمام، أي أن قيمةَ هذا الرجل- الذي أُعجب الناسُ جميعًا به لأنه حَفِظ البخاري- لا تَزيدُ عن قيمةِ نسخةٍ من كتاب