النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنه أعظمُ الفتح"، فكان سببُ الفتح الأعظم بخُلطةِ الكفارِ لأهل الإسلام بالصُّلح، فأسرعوا إلى الإسلام بالدخول فيه لِمَا رَأَوا من محاسنِ الدين وإعجازِ القرآن، فكانوا يومَ الفتح عَشَرةَ الَافٍ -بعد أن كانوا قبلَ ذلك بسنتين يومَ الحديبية ألفًا وأرَبَعمئة-، والله الموفق.
هذا يسيرٌ من أسرارِ هذه السورة، وقد عُلم منه من إعجازِها ما يشرحُ الخواطر ويُبهج النواظر؛ لأنه يفوقُ حُسنًا على الرياض النواضر، وعُلم أيضًا جنونُ الخبيثِ المَسخرةِ مُسيلِمةَ الكذاب -عليه اللعنةُ والتباب، وله سوء المنقلب والمآب-، حيث قال في معارضتها:"إنا أعطيناك الجماهر، فَصلِّ لربك وهاجر، إنا كفيناك المُكابر أو المُجاهر"؛ لأنه كلامٌ -مع أنه قصيرُ المدى-، رَكيكُ اللُّحمة والسدى، غريقُ الساحة والفنا في الهلك والفنا، ليس فيه غَنى، بل كلُّه نَصَبٌ وعنا، هَلْهَل النسج، رثُّ القوى، مُنفصمُ العُرى، مخلخَلُ الأرجا، فاسدُ المعنى والبنا، سافلُ الألفاظ، مر الجنا" (١) اهـ. فسبحان من علا كلامه على كل كلام.
* معجزة متجدِّدة:
° مهما غاصَ العلماءُ في بحارِ النورِ الزواخر، واستخرَجوا منها روائعَ اللآليء وبدائعَ الجواهر، ونثروها أو نَظَموها عقودًا في جِيد الزمان، أو جَعلوها تِيجانًا في مَفرِقَ الأيام للإحاطة بقَدْرِ هذه المعجزة المتجدِّدة لنبيِّنا، فلن يبلغوا من ذلك المنتهى: "إن هذه الأرض، بأركانها الأربعة، وقارَّاتها الخمس، وملياراتِها السِّتة، وفي دَوْرات أيَّامها السَّبعة، لَتَشْهَدُ بأن