بالإسلام، فعُلم أن السابَّ إذا عاد إلى الإسلام جَبَّ الإسلامُ إثمَ السب، وبَقِيَ قتلُه جائزًا حتى يوجَدَ إسقاطُ القتل مِمَّن يَملِكُه إنْ كان ممكنًا.
إن غَرَضنا هنا أن نبيِّنَ أن مجرَّدَ الطعنِ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والوقيعةِ فيه يُوجِبُ القتلَ في الحال التي لا يُقْتَل فيه لمجردِ الردة، وإذا كان ذلك مُوجِبًا للقتل، استوى فيه المسلمُ والذمِّيُّ؛ لأنَّ كلَّ ما يوجِبُ القتلَ -سوى الرِّدة- يستوي فيه المسلمُ والذمي.
وفي كتمانِ الصحابةِ لابنِ أبي سرحٍ ولإحدى القَيْنَتَينِ دليلٌ على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يُوجِب قتلَهم، وإنما أباحه مع جوازِ عفوِه عنهم، وفي ذلك دليلٌ على أنه كان مُخَيَّرًا بين القتل والعفو، وهذا يؤيِّد أن القتل كان لحَقِّ النبي - صلى الله عليه وسلم -.
الحديث التاسع: حديثُ القَينتينِ اللتين كانتا تُغنِّيان بهجاءِ النبي - صلى الله عليه وسلم - ومولاةِ بني هاشم، وذلك مشهورٌ مستفيضٌ عند أهل السير، أمر - صلى الله عليه وسلم - بقتل فَرْتَنَى.
° وقال موسى بنُ عقبة في "مغازيه" عن الزهري: وأَمَرهم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أن يَكُفُّوا أيديَهم فلا يُقاتِلوا أحدًا إلاَّ مَن قاتَلهم، وأَمر بقتل أربعةِ نفر، قال: وأَمَر بقتل قَينتَينِ لابن خَطَلٍ تُغنِّيانِ بهجاءِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم قال: وقُتلت إحدى القينتين وكَمِنَت الأخرى حتى استؤمن لها.
وكذلك ذكر محمدُ بنُ عائذٍ القُرشيُّ في "مغازيه".
° وقال ابنُ إسحاق في روايةِ ابنِ بُكير عنه: قال أبو عبيدةَ بنُ محمدِ ابنِ عمَّارِ بنِ ياسر وعبدُ الله بنُ أبي بكرِ بنِ حزم: إن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - حين دَخل مكةْ وفرَّق جيوشَه، أَمرهم أن لا يقتلوا أحدًا إلاَّ مَن قاتلهم، إلاَّ نَفَرًا