لأن الصَّاغِرَ: الذليلُ الحقيرُ، وهذا فِعلُ متعزَّزٍ مُرَاغِم، بل هذا غايةُ ما يكونُ من الإذلالِ لنا والإِهانةِ.
° قال أهل اللغةِ: الصَّغار: الذُّلُّ والضَّيْم .. يقال: صَغِر الرَّجُلُ -بالكسر-: يصْغَرُ -بالفتح-: صَغَرًا وصُغَرًا، والصَّاغِرُ: الراضي بالضَّيْمِ.
ولا يَخفى على المتأمِّل أنَّ إظهارَ السبِّ والشتمِ لدينِ الأُمةِ الذي به اكتَسبت شَرَفَ الدنيا والآخرة، ليس فِعلَ راضٍ بالذلِّ والهوانِ، وهذا ظاهرٌ لا خفاء به.
وإذا كان قتالُهم واجبًا علينا إلاَّ أن يكونوا صاغِرين، وليسوا بصاغِرين، كان القتالُ مأمورًا به، وكلُّ من أُمِرْنَا بقتاله من الكفار، فإنه يُقتلُ إذا قَدَرنا عليه.
وأيضًا، فإنَّا إذا كُنا مأمورين أن نقاتلَهم إلى هذه الغاية، لَم يَجُزْ أن نَعْقِدَ لهم عهدَ الذمةِ بدونها، ولو عُقِدَ لهم كان عقدًا فاسدًا، فيَبقُون على الإباحة.
نفى سبحانه أن يكون لمشركٍ عهدٌ ممن كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - قد عاهَدهم، إلاَّ قومًا ذَكَرهم، فإنه جَعل لهم عَهدًا ما داموا مستقيمين لنا، فعُلم أن العهدَ لا يَبقى للمشركِ إلاَّ ما دام مستقيمًا، ومعلومٌ أن مُجاهرتَنا بالشَّتيمةِ والوقيعةِ