أحدهما: ما تقدَّم من الأدلَّةِ على وجوبِ قتل ناقضِ العهدِ إذا نَقَضه بما فيه ضررٌ على المسلمين مطلقًا.
الثاني: ما يخصُّه .. وهو من وجوه:
الدليل الأول: ما تقدَّم من الآيات الدَّالةِ على وجوبِ قتل الطاعِنِ في الدِّين.
الدليل الثاني: حديثُ الرجل الذي قَتل المرأةَ اليهوديةَ على عهدِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأهدَرَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - دَمَها، وفي ذلك حديثُ عليِّ بنِ أبي طالب وابنِ عباس، فلو كان سبُّ النبي - صلى الله عليه وسلم - يَرفعُ العهدَ فقط، ولا يُوجِبُ القتل، لكانت هذه المرأةُ بمنزلةِ كافرةٍ أسيرةٍ، وبمنزلةِ كافرةٍ دَخلت إلى دار الإِسلام ولا عَهْدَ لها، ومعلومٌ أنه لا يجوزُ قتلُها، وأنها تصيرُ رقيقةً للمسلمين بالسِّبْي، وهذه المرأةُ المقتولةُ كانت رقيقةً، والمسلمُ إذا كانت له أَمَةٌ كافرةٌ حربيَّةٌ لم يَجُزْ له ولا لغيره قَتلُها لمجرَّد كونها حربيَّةً، ولا نَعلمُ بين المسلمين خِلافًا أنَّ المرأة لا يجوزُ قتلُها لمجرد الكفر إذا لم تكن معاهدة، كما لا نعلمُ أيضًا خلافًا في أن المرأة إذا ثبت في حقِّها حكمُ نقضِ العهد لا يجوزُ قتلها.
الدليل الثالث: أن السَّابَّ لو صارَ بمنزلةِ الحربيَ فقط، لكان دَمُه معصومًا بأمانٍ يُعقَدَ له أو ذِمَّةٍ أو هُدْنة، ومعلومٌ أن شُبهةَ الأمانِ كحقيقتِه في حَقْنِ الدم، والنفرُ الذين أرسَلَهم النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى كعبِ بنِ الأشرفِ جاؤوا إليه إليه على أن يَستسلفوا منه، وحادَثوه، وماشَوه وقد آمَنَهم على دَمِه وماله، وكان بينه وبينهم قبل ذلك عَهدٌ وهو يعتقدُ بقاءَه، ثمِ إنهم استأذنوه في أن يَشُمُّوا ريحَ الطِّيب مِن رأسه، فأَذِنَ لهم مَرَّةً بعد أُخرى، وهذا كلُّه يُثبِتُ الأمان، فلو لم يكن في السَّبِّ إلاَّ مجرَّدُ كونِه كافِراً حَرْبيًّا لم يَجُزْ قَتلُه