° وذلك التدرجُ وتلك النهايةُ التي وصل إليها ابن عربي هي التي جَعلت ابنَ تيمية - رحمه الله - يقول: "ففي هذا الكلام من أنواعِ الإِلحاد والكفرِ وتنقيصِ الأنبياء والرسل ما لا تقولُه لا اليهودُ ولا النصارى، وما أشبَهَه في هذا الكلام بما ذُكر في قول القائل:"فخرَّ عليهم السقف من تحتهم": "إنَّ هذا لا عَقْلَ ولا قرآن"، وكذلك ما ذكر هنا من أن الأنبياءَ تستفيدُ من خاتم الأولياء الذي بعدَهم هو مخالفٌ للعقل، فإنَّ المتقدِّمَ لا يستفيدُ من المتأخِّر، ومخالفٌ للشرع، فإنه معلومٌ بالاضطرار من دينِ الإِسلام أن الأنبياءَ والرسلَ أفضلُ من الأولياء الذين ليسوا أنبياءَ ولا رُسلاً" (١).
* مناقشة ابنِ عربي:
في هذا العَرضِ الموجَز لكلام ابن عربي تتبيَّن لنا عقيدتُه في بقاءِ النبوة بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، حيث يَرى أن النبوَّةَ لا تزالُ باقيةً، ولا يزالُ هناك أنبياء .. ولما كانت تلك العقيدةُ تتعارضُ مع عقيدةِ ختم النبوة بنبوةِ محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -كما رأينا ذلك من قبل-، فإنه لا بد من وقفةٍِ مع عقيدةِ ابن عربي تلك التي تخالفُ عقيدةَ الإسلام وتُناقضُه.
أولاً: العبارة التي يُبَّينُ بها ابن عربي عقيدتَه في ختم النبوة، حيث قال: "وخَتَم بمحمد - صلى الله عليه وسلم - جميع الرسل" عبارةٌ قاصرةٌ عن أداءِ المعنى الشرعي كما وردت به النصوص، ففي القرآن الكريم:{وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} [الأحزاب:
(١) من رسالة حقيقة مذهب الاتحادية ضمن مجموع "المسائل والرسائل" (٤/ ٨٥).