للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* أتى بالتوحيد .. وكلٌّ منهم اتَّخذ إِلهَه هواه:

إن المشكلة الرئيسةَ في علاقةِ الغربِ فكريًّا بالعالم الإسلامي، وعَداءِ الغربِ للنبي - صلى الله عليه وسلم -، هو مركزية توحيدِ الله تعالى وعبادتِه لدى المسلمين، والتي تتجسَّدُ في دعوةِ محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -، وفي دينِ الإسلام، وفي واقع الأُمَّةِ الإسلامية، بصرف النظر عن درجةِ تديُّنِ والتزام أفرادِ هذه الأمة، ينطلق لغربُ فكريًّا -وبكلِّ فِئاتِ مجتمعاته وكلِّ مفكريه- من فكرةِ مركزيةِ الإنسانِ في الكون، وأن الفردَ هو مركزُ الاهتمام الرئيس، وأنَّ تطلُّعاتِ الفردِ وحقوقَه وحرياتِه تُقدَّمُ على أيِّ أمرٍ آخر، وحتى أمورِ العبادة وعلاقةِ الفرد بالإله.

إن الغربَ يَرى أن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - قد قَدَّم مفهومًا يمكنُ أن يَهدِمَ الفِكرَ الغربيَّ من أساسه .. وهو مركزيةُ محبةِ وعبادةِ الله تعالى في حياةِ البشريةِ، مقابلَ نظرياتِ الغرب التي تقومُ على مركزيةِ الإنسان، اختار الغربُ لذلك أن يَجعلَ عَداءَ الإسلام ضِمن منظومةِ قيَمِهِ الرئيسةِ؛ لأنه يتمكن بهذه الطريقةِ من إبقاءِ الفردِ مركزًا للكون في مواجهةِ دعوةِ محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - التي حافظت على مكانةِ الخالقِ جَلَّ وعلَا ومركزيتِها في حياة البشر.

وحولَ ذلك تحدَّثت المؤلِّفةُ البريطانية "كارين أرمسترونج" -صاحبة كتاب "محمد"- قائلةً: "علينا أن نتذكرَ أن الاتجاهَ العَدائيَّ ضدَّ الإسلام في الغرب هو جزءٌ من منظومةِ القِيَم الغربيةِ، التي بدأت في التشكُّل مع عصرِ النهضةِ والحملاتِ الصليبية، وهي بدايةُ استعادةِ الغربِ لذاتِه الخاصةِ مرةً أخرى، فالقرنُ الحادي عَشَرَ كان بدايةً لأوروبا الجديدةِ، وكانت

<<  <  ج: ص:  >  >>