الإسلام، وقد انتَشرت هذه الديانةُ انتشارًا سريعًا، ومؤسِّسُ هذه الديانة هو العربيُّ محمد، وقد قَضى على عاداتِ قومِه الدينية، ووَحَّد قبائلَ العرب، وأنار أفكارَهم وأبصارَهم بمعرفةِ الإله الواحد، وهَذَّب أخلاقَهم، ولَيَّن طِباعَهم وقلوبَهم، وجَعَلها مستعدَّةً للرقيِّ والتقدم، ومنعهم من سَفكِ الدماء ووأدِ البنات، وهذه الأعمالُ العظيمةُ التي قام بها محمدٌ تدلُّ على أنه من المصلِحين العِظام، وعلى أنَّ في نفسِه قوةً فوقَ قوةِ البشر، وكان ذا فكرٍ نيِّرٍ وبصيرةٍ وقَّادةٍ، واشتُهر بدماثةِ الأخلاقِ ولِينِ العَريكة والتواضعِ وحُسنِ المعاملةِ مع الناس، قضى محمدٌ أربعين سنةً مع الناس، قضاها بسلامٍ وطمأنينة، وكان جميعُ أقاربه يحبُّونه حُبًّا شديدًا، وأهلُ مدينته يحترمونه احترامًا عظيمًا، لِمَا كان عليه من المبادئِ القويمةِ، والأخلاقِ الكريمةِ، وشرفِ النَّفسِ والنزاهة".
* العلامة جان ميكائيليس الروسي:
مستشرق روسي، ولد في بلدته "بروا" ١٧١٧، وتوفي ١٧٩١، له تصانيفُ في أصول العربية وآدابها وآداب السريانية والعبرانية، له مؤلفات عدَّة.
° قال في بعض مؤلفاته في "أصول اللغة العربية" واسمه "آداب اللغة العربية": "إن الدينَ الإسلاميَّ له فضلٌ عظيمٌ على الشرق؛ لأنه أكسَبَهم حضارةً ذاتَ قيمة، وفضلُ مَن جاء به أعظمُ، لأنه عَرَضه عليهم فرفضوه، وتحمَّل في سبيله المَضَضَ وكابَدَ كثيرًا، ولقد كان فقيرًا يتيمًا مضطهدًا، ولدى ثباتِه أَخذ النتائجَ الكافيةَ في أداءِ رسالته التي هي مدنيَّة وحضارة، وما